العربية.ما alaarabiya.ma

30 برلمانيا في قفص الاتهام: عندما يُصبح البرلمان المغربي مسرحا للفساد

alt=
العربية.ما

30 برلمانيا في قفص الاتهام: عندما يُصبح البرلمان المغربي مسرحا للفساد

 

 

 

يُراهن المغرب على قوة الأحزاب السياسية كركيزة أساسية في تأطير المجتمع وتشجيع المشاركة السياسية الفعالة، إلا أن اختلالات وخروقات تُلقي بظلالها على المشهد، مُشككة في قدرة هذه الأحزاب على تحقيق التخليق المنشود. وجاء التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات حول تدبير الأحزاب للدعم العمومي ليكشف حجم الخلل القانوني في تدبير المال العام، مُسجلاً تجاوزات تُثير الشكوك حول التزام الأحزاب بمبادئ الشفافية والحكامة. وفي هذا السياق، يُعبر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن قلقه من الوضع الحالي، مُشيراً إلى متابعة 30 برلمانياً قضائياً بتهم اختلاس وتبديد أموال عمومية، واصفاً ذلك بـ “سابقة خطيرة في تاريخ البرلمان المغربي”. ويتساءل الغلوسي: “هل سيجعل ما تبقى من البرلمانيين من هذا الواقع المخجل أرضية للانكباب بجدية على سن منظومة قانونية لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام… أم أنهم سيقفزون على هذا الواقع كأنه يعني بلدا آخر وسيستمرون في التطبيع مع الفساد والريع وحماية لصوص المال العام؟”.
لم يقتصر الأمر على البرلمانيين، بل امتد ليشمل قيادات حزبية متورطة في جرائم مالية، بما في ذلك قضايا فساد ورشوة كقضية “إسكوبار الصحراء”. كما كشف الغلوسي عن تورط بعض القيادات في فضائح أخلاقية وقانونية تتعلق بتبديد واختلاس المال العام، من خلال رفض إرجاع أموال الدعم أو تقديم وثائق غير قانونية لتبرير صرفها. ويُضيف قائلاً: “فضيحة ما بات يعرف بصفقات الدراسات والأبحاث التي ظلت سرية لحدود الآن شكلت موضوع شكايتنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام المرفوعة إلى رئيس النيابة العامة والذي نجدد له بالمناسبة طلبنا بإحالتها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية”.
ينتقد الغلوسي استمرار تمثيل البرلمان في أنشطة رسمية رغم تورط أعضائه في قضايا فساد، ويُشير إلى مُعاكسة بعض الأحزاب لتوجهات الدولة في مكافحة الفساد، مُعتبراً ذلك استهتاراً بمصير الوطن والمواطنين. ويُطالب الغلوسي باتخاذ إجراءات حازمة لإصلاح الوضع، من بينها تجميد عضوية المتهمين في جرائم الفساد وعدم ترشيحهم لأي مسؤولية، ووقف صرف أجور وتعويضات المتورطين، واسترداد أموال الدولة التي تم تبديدها بشكل غير قانوني. كما يدعو إلى عقد مؤتمرات حزبية لتجديد الهياكل وإتاحة الفرصة للكفاءات الجديدة، بعيداً عن الولاءات الضيقة ومنطق العائلة.
يختم الغلوسي حديثه بنداء إلى الأحزاب السياسية للاستيقاظ قبل فوات الأوان، والعمل على استعادة ثقة الشعب من خلال إصلاحات جذرية تُعيد الاعتبار لمبادئ الشفافية والنزاهة. “هذا الواقع يفرض على الأحزاب السياسية قبل فوات الأوان أن تلتقط دقة المرحلة وصعوباتها وخطورة الفساد على الدولة والمجتمع وأن تبدأ من نفسها…”، يُشدد الغلوسي، مُحذراً من عواقب استمرار هذا الوضع على مستقبل البلاد.

Exit mobile version