العربية.ما alaarabiya.ma

مسرح التنوع: “تجاوز الذات والتواصل مع الآخر جوهر المسرح في بعده الإنساني الكوني”

alt=
بقلم الفنان المسرحي الحلو عبد العزيز

التنوع كمعطى طبيعي بيولوجي ووجودي ينعكس على البنية الثقافية للإنسان والمجتمع، وهو أساس تطور المجتمعات. حيث أن المسرح في بنيته الفنية قائم على التنوع الفني من خلال مزجه بين مجموعة من الفنون بهدف تحقيق الفرجة الممتعة للمتلقي.

باعتبار احترام التنوع والانطلاق من الذات في اتجاه التواصل مع الآخر على أساس التفاعل في إطار التنوع الثقافي للمجتمع الإنساني، يعد منطلقاً لتمكين المجتمع المغربي من قيم الاختلاف واحترام الآخر الذي يشبهني ويختلف عني، وهو مدخل كذلك لتحقيق المساواة.

فبتمثلنا لمبدأ التنوع نعطي قيمة للإنسان، سواء النساء أو الرجال. كما أن التنوع مدخل للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان بصفة عامة والتمييز بمختلف أشكاله، سواء المبني على النوع أو الدين أو العرق أو اللغة أو الانتماء الأيديولوجي، ومحاربة كافة أشكال الإقصاء.

إننا بطرحنا لكلمة “مسرح التنوع” في بعده النظري نقصد به مسرحاً يهتم بقضايا الإنسان والاختلاف ويسلط الضوء على كافة الظواهر الاجتماعية والإنسانية المرتبطة بالتمييز ونبذ الآخر واعتبار كل من يختلف عني عدوي ويستحق الموت. إن مسرح التنوع دعوة لتقديس الحياة والإنسان. إنها محاولة لخلق عوالم أخرى نرى أن المسرح يمكن أن يكون نبراساً في التعاطي معها باعتباره مرآة الحياة داخل الحياة ودوره التطهيري للمجتمع الذي يعتبر ماهية المسرح.

ولنا في المسرح المغربي تجارب لمبدعات ومبدعين أجدها تساهم في هذا التصور وتتبناه في الممارسة. نحن فقط نحاول بناء إطار نظري لهذا الفعل الممتد في تاريخ الممارسة المسرحية، وهي نماذج للمثال وليس للحصر ويمكن أن نعتبرها نماذج مؤسسة. تجربة الأستاذة الزوبير بن بشتى في مدينة طنجة التي تناولت قضايا الهجرة انطلاقاً من الذات وفي تفاعل مع الآخر نموذج مسرحية “أقدام بيضاء”.

تجربة الأستاذة نعيمة زيطان التي جعلت من الترافع عن قضية المساواة بين الرجل والمرأة جوهر الفعل المسرحي انطلاقاً من مسرحية “ديالي”. تجربة الأستاذة أسماء الهوري انطلاقاً من مسرحية “الدموع بالكحول” وصولاً إلى مسرحية “زمان”. تجربة الأستاذ عبد الحق الزروالي الذي جعل من الفرد يعبر عن صوت الذات في تفاعلها مع الآخر الذي يشبهها انطلاقاً من الموروث العربي في تفاعله مع ما هو إنساني.

لا يمكننا حصر التجارب التي تنطلق من مفهوم التنوع وتبحث وتنحت فيه. مسرح التنوع هو دعوة لأفق واسع للفعل الإبداعي ينفلت من قالب الهوية الواحدة ويؤمن بأن الإنسان في القرن الواحد والعشرين نتيجة لسيرورة إنسانية تمتد من النشأة الطبيعية في العهد القديم، وصولاً إلى أعمال العقل في العهد الجديد، والتواصل في العالم المعاصر.

Exit mobile version