في خطوة تحمل دلالات جيوسياسية واقتصادية هامة، شهدت صادرات الغاز الطبيعي من إسبانيا إلى المغرب ارتفاعًا ملحوظًا في يونيو 2024، مسجلةً زيادة بنسبة 18.5% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، حيث كانت النسبة آنذاك 7.7%. هذا الارتفاع اللافت في الصادرات يعكس تحولًا واضحًا في موازين الطاقة بالمنطقة، لا سيما بعد أن كانت صادرات الغاز الإسباني إلى المغرب شبه معدومة في عام 2022، حيث لم تتجاوز نسبتها 0.1% من إجمالي الصادرات الإسبانية.
وتتزامن هذه التطورات مع زيادة ملحوظة في واردات إسبانيا من الغاز الجزائري، مما يسلط الضوء على التحديات الجديدة التي تواجهها الجزائر في محاولاتها التحكم في تدفق الغاز إلى المغرب. فإسبانيا، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الجزائري، تمكنت من توجيه جزء من هذه الإمدادات إلى المغرب، متحدية بذلك الضغوط السياسية التي تمارسها الجزائر للحد من تدفق الغاز نحو جارها الغربي.
في هذا السياق، أفادت صحيفة “إيكونوميستا” الإسبانية في تقرير نشر في غشت/ أغسطس 2024 أن الجزائر أصبحت المصدر الأول للغاز الطبيعي المسال إلى إسبانيا، متقدمة على الولايات المتحدة وروسيا. هذه السيطرة الجزائرية على سوق الغاز الإسباني لم تمنع مدريد من تعزيز علاقاتها الطاقوية مع الرباط، وهو ما يعكس مرونة وديناميكية السياسة الطاقوية الإسبانية.
ومن الواضح أن هذا التطور لا يعجب الكابرانات في الجزائر، الذين طالما سعوا إلى عزل المغرب اقتصاديًا. إلا أن الأرقام تشير إلى أن جهودهم لم تؤتِ ثمارها، بل على العكس، فإن إسبانيا نجحت في تحويل وارداتها من الغاز الجزائري إلى فرصة لتعميق تعاونها مع المغرب.
كما يبدو أن هذا التحول في تجارة الغاز بين إسبانيا والمغرب هو مجرد بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الطاقوية بين البلدين، حيث تسعى مدريد إلى تحقيق أقصى استفادة من موقعها كجسر بين شمال إفريقيا وأوروبا. وفي الوقت نفسه، يعزز المغرب من تنويع مصادره الطاقوية، مما يجعله أقل تأثرًا بالتقلبات السياسية الإقليمية.
المصادر:
-تقرير صحيفة “إيكونوميستا”، أغسطس 2024.
-بيانات التجارة الطاقوية بين إسبانيا والمغرب، يونيو 2024.