العربية.ما alaarabiya.ma

اسبانيا تصدر أمر اعتقال 4 مغاربة بتهمة مقتل ضابطي الحرس المدني في حادث تهريب قبالة سواحل بارباتي

alt=
العربية.ما - العربي حجاج

في خطوة تعكس التعاون الدولي بين إسبانيا والمغرب في مكافحة الجريمة العابرة للحدود، أصدرت السلطات الإسبانية أمر اعتقال دولي بحق أربعة مواطنين مغاربة يشتبه بتورطهم في مقتل ضابطي الحرس المدني، خيسوس كابيزاس وغابرييل سيرفيرا، في حادث اصطدام عنيف وقع في فبراير الماضي قرب منطقة بارباتي الواقعة على الساحل الجنوبي لإسبانيا. حيث يأتي هذا التطور بعد تحقيقات موسعة أجرتها السلطات الأمنية الإسبانية، بالتنسيق مع نظيرتها المغربية، في قضية هزت الرأي العام الإسباني وأعادت تسليط الضوء على خطر شبكات التهريب والمخدرات في البحر الأبيض المتوسط.

الحادثة وتفاصيلها

في يوم الحادثة (9 فبراير 2024)، كان الضابطان من وحدة الحرس المدني البحرية في دورية روتينية لمكافحة تهريب المخدرات قبالة سواحل بارباتي، المنطقة الشهيرة بكونها ممرًا بحريًا رئيسيًا لشبكات تهريب المخدرات بين المغرب وإسبانيا. وخلال الدورية، وقعت مواجهة بحرية بين قارب للتهريب وزورق الحرس المدني، انتهت باصطدام عنيف أودى بحياة الضابطين على الفور وإصابة آخرين.

وفقًا للتقارير الإسبانية، كان القارب المستخدم في عملية التهريب سريعًا ومصممًا للتهرب من الملاحقات البحرية، وتمكن من الفرار بعد الاصطدام. إلا أن الحادثة لم تمر دون ترك آثار، إذ تم العثور على أدلة في موقع الحادث تشير إلى تورط شبكة تهريب مخدرات منظمة.

التحقيقات ومطاردة المشتبه بهم

بعد الحادث، بدأت السلطات الإسبانية تحقيقات واسعة بالتعاون مع وحدات بحرية وجوية، وتم تعزيز التنسيق مع الأجهزة الأمنية المغربية نظرًا للاشتباه بأن المشتبه بهم قد فروا إلى المغرب. وفي مارس الماضي، تم اكتشاف قارب آخر مرتبط بشبكة التهريب على شاطئ “لا أنتيلا” في مقاطعة هويلفا الإسبانية، ما أعطى دفعة قوية للتحقيقات.

وأكدت مصادر مقربة من التحقيقات أن أدلة جنائية تم جمعها من موقع الاصطدام، بما في ذلك بقايا قارب التهريب وآثار الحمض النووي (DNA)، والتي ساعدت في تحديد هوية المشتبه بهم الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عامًا. وقد تم تحديد مكان اختبائهم في قرية الدالية الساحلية بالقرب من مدينة طنجة المغربية.

 التعاون الإسباني المغربي: استراتيجية موحدة لمكافحة التهريب

تعاونت السلطات الإسبانية والمغربية في إطار اتفاقيات ثنائية لمكافحة الجريمة المنظمة والتهريب، حيث لعبت العلاقات الأمنية المتينة بين البلدين دورًا حاسمًا في تسريع عملية تحديد المشتبه بهم وتعقبهم. ويُذكر أن البحر الأبيض المتوسط، ولا سيما مضيق جبل طارق، يعتبر ممرًا رئيسيًا لشبكات تهريب المخدرات من شمال إفريقيا إلى أوروبا، مما يستدعي جهودًا دولية منسقة لمكافحة هذه الظاهرة.

وفي ضوء هذه القضية، أصدرت السلطات الإسبانية أمر اعتقال دولي بحق المتورطين الأربعة، حيث يجري التنسيق مع الجانب المغربي لتسليمهم، في حال القبض عليهم. ويعد هذا الإجراء خطوة مهمة لضمان محاسبة المجرمين أمام العدالة الإسبانية.

شبكات التهريب: تجارة مربحة وخطيرة

تكشف هذه الحادثة عن حجم وتعقيد شبكات التهريب التي تعمل على طول الساحل الجنوبي لإسبانيا وشمال المغرب. وغالبًا ما تكون هذه الشبكات مجهزة بأحدث التقنيات البحرية وتستعين بقوارب سريعة قادرة على الهروب من السلطات البحرية، ما يزيد من صعوبة مكافحتها. كما أن هذه الشبكات تحقق أرباحًا هائلة من عمليات تهريب المخدرات، حيث تعتبر إسبانيا بوابة رئيسية لدخول المواد المخدرة، خصوصًا الحشيش، إلى أوروبا.

وفي السنوات الأخيرة، كثفت السلطات الإسبانية والمغربية من جهودهما للقضاء على هذه الشبكات. ففي عام 2022 وحده، تمكنت السلطات الإسبانية من مصادرة كميات ضخمة من المخدرات وضبط عشرات القوارب السريعة التي تستخدم في تهريب المخدرات عبر البحر الأبيض المتوسط.

ردود الفعل والتداعيات

أثار مقتل الضابطين ردود فعل غاضبة في إسبانيا، حيث طالب عدد من المسؤولين بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد شبكات التهريب. واعتبر بعض المحللين أن هذه الحادثة تسلط الضوء على المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها عناصر الأمن أثناء أداء مهامهم في البحر، خاصة في ظل التزايد المستمر لنشاط شبكات التهريب.

كما أن هذه الحادثة قد تزيد من الضغط على السلطات الإسبانية والمغربية لتعزيز التعاون بينهما. فبالرغم من النجاحات السابقة في مجال مكافحة التهريب، تبقى التحديات كبيرة أمام البلدين. وفي هذا السياق، أكد وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، أن “مكافحة شبكات التهريب لن تتوقف حتى يتم القضاء عليها تمامًا، وأن دماء الضابطين لن تذهب سدى”.

وفي ظل استمرار التحقيقات ومطاردة المشتبه بهم، يبقى مقتل ضابطي الحرس المدني في البحر الأبيض المتوسط تذكيرًا مؤلمًا بالثمن الذي تدفعه القوات الأمنية في مواجهة الجريمة المنظمة. وبينما تواصل السلطات الإسبانية والمغربية سعيها لضبط المشتبه بهم وتقديمهم للعدالة، تبقى شبكات التهريب تهديدًا قائمًا يتطلب استراتيجيات موحدة وتنسيقًا دوليًا قويًا لمواجهته. كما يأمل الجميع أن تؤدي هذه الجهود إلى تقديم الجناة للعدالة قريبًا، وتخفيف وطأة هذه الشبكات الإجرامية على حياة الناس وأمن الدول.

المصدرالعربية.ما
Exit mobile version