يستمر التوقف المفاجئ لأشغال محطة القطار وسط مدينة الرباط في إثارت مجموعة من التساؤلات والانتقادات من قبل المواطنين والمهتمين بالشأن العام ، حيث كانت الأشغال قد انطلقت بوتيرة جيدة قبل سنوات وكانت هناك آمال كبيرة في تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات للمسافرين والمواطنين، إلا أن توقف الأشغال دون إبداء أسباب واضحة أدى إلى استياء من طرف المواطنين الذين يعتبرونه مسألة حساسة تتطلب شفافية وتوضيحات من الجهات المسؤولة.
فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار، نقلت جزءا من هذه التساؤلات لوزير النقل واللوجستيك، داعية إياه للكشف عن الأسباب وراء توقف الأشغال بالمحطة، وعن موعد استئنافها، والتدابير المتخذة من الوزارة لحل المشاكل إن وجدت.
وأشارت التامني في سؤال كتابي إلى أن اشغال محطة القطار الرباط المدينة التي بدأت بوتيرة جيدة، قبل أكثر من 6 سنوات (2017)، توقفت بشكل مفاجئ منذ سنتين من الآن، دون سابق إنذار، ولا الكشف عن السبب الحقيقي وراء ذلك.
وانطلقت الأشغال بمحطة الرباط المدينة، تزامنا مع المرحلة التي بدأت فيها الأشغال بمحطات القطار “أكدال” و”المسافرين” ومحطة،طنجة، إلا أن هاته المحطات المذكورة انتهت الأشغال بها، في حين لا يزال من غير المعلوم مآل محطة الرباط المدينة.
ونبهت البرلمانية إلى أن أشغال المحطة رصدت لها ميزانية مهمة من المال العام، إلا أنها متوقفة لحدود الساعة، أمام منظر غير لائق للمحطة الواقعة في عاصمة المملكة.
وتوقف السؤال على ضياع المواد التي رصدت في وقت سابق من أجل المشروع، والتي لم تعد صالحة اليوم من أجل استكمال الأشغال، وهو ما يجعلنا أمام شبهة تبديد المال العام.
وأبرزت النائبة أنه ولحدود الساعة لم تقدم التوضيحات حول الأسباب الحقيقية والواضحة الكامنة وراء توقف الأشغال، علما أن وزير النقل برر التوقف في وقت سابق بـ”الإكراهات التقنية والفنية”، دون الكشف عنها أو عن موعد استئناف الأشغال، وأبدى أمله في إيجاد حلول للمشاكل التقنية والفنية قبل 8 أشهر، وبالتالي استئناف الأشغال في المحطة، وهو ما لم يتم لحد الآن.
احتجاج يونسكو
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”، قد عبرت عام 2019، عن اعتراضها على طريقة تنفيذ السلطات المغربية لبعض المشاريع الكبرى المندرجة في إطار برنامج لتطوير العاصمة الرباط، وذلك بسبب تعارضها مع المعايير التي اعتمدتها المنظمة الأممية لتصنيف المدينة العتيقة للرباط، تراثاً عالمياً للإنسانية سنة 2012.
ووجهت “يونسكو” رسالة إلى السلطات المغربية شهر يوليوز 2019، للاعتراض على طريقة إنجاز مشروعين كبيرين، هما كل من “برج محمد السادس” الذي ينتظر أن يكون الأعلى في افريقيا بعد الانتهاء من بنائه، ويرتقب أن يناهز ارتفاعه 250 متراً، والأجزاء الجديدة من محطة القطارات “الرباط المدينة”، التي كانت أشغال إقامتها جارية آنذاك.
وردّت السلطات المغربية على هذا الاعتراض بالقول إن برج “محمد السادس” يقع خارج المنطقة المعنية بالتصنيف كتراث عالمي للإنسانية من مدينة الرباط، مشددة على أن نهر أبي رقراق هو بمثابة “حدود” لهذه المنطقة، حيث يتم بناء البرج في الضفة المقابلة من هذا النهر. فيما لم يٌكشف عن الرد المغربي بخصوص محطة القطارات، والتي همّ اعتراض “يونسكو” بالخصوص المركز التجاري الضخم الذي يقام بجانبها، والذي قالت إن حجمه يساوي أربعة أضعاف حجم المحطة نفسها، ويقضم جزءا من السور التاريخي لمدينة الرباط.
وكانت “يونسكو” منحت السلطات المغربية مهلة تنتهي شهر فبراير 2020، من أجل إنجاز دراسة حول آثار هذه المشاريع الجديدة على البعد الجمالي والبصري لمدينة الرباط.
وأدى احتجاج اليونسكو إلى وقف عملية هدم السور الموحدي المجاور لمحطة القطار الرباط المدينة الذي كان سيكون بمثابة بواتها الرئيسية، مما أجدى إلى تعطيل المشروع وتعليق أعماله لمدة فاقت ثلاث سنوات.