الخبز المخبوز في المخابز أو الفرن ليس كما كان.. هل هذه أزمة أم انتقام من الفقراء؟
الخبز المخبوز في الأحياء الشعبية كحي ازلي بتراب مقاطعة المنارة جليز في مراكش هو النوع التقليدي الذي يتم إنتاجه في المخابز الصغيرة والمنزلية الموجودة في المناطق الشعبية والأحياء ذات الدخل المنخفض. هذه المخابز تستخدم طرق خبز يدوية أو بسيطة نسبياً، وتعتمد على التقاليد المحلية والموارد المتوفرة في المنطقة المذكورة سابقا.
يتميز هذا المنتوج بأنه أرخص من الخبز المخبوز في المخابز التجارية الكبيرة، ويعد مصدراً هاماً للطاقة والسعرات الحرارية للسكان ذوي الدخل المحدود في تلك المناطق. كما أنه يتوافق مع أذواق وتفضيلات المستهلكين المحليين.
في الآونة الأخيرة، لاحظ المواطنون انخفاضًا ملحوظًا في حجم رغيف خبز المخابز المحلية. هذا الواقع الجديد أثار قلقًا وغضبًا لدى شريحة واسعة من المجتمع والفئة الهشة منهم الذين يعتمدون على هذا النوع من المنتوج كوجبة أساسية رفقة الشاي”أتاي”، خاصة الطبقات المتوسطة والفقيرة التي تعتمد على الخبز كمصدر رئيسي للطعام. في ظل تضخم الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، يُطرح السؤال: هل انخفاض حجم خبز المخابز هو جزء من الأزمة الاقتصادية القائمة أم أنه محاولة لإيذاء الطبقات الفقيرة في المجتمع؟
الوضع الحالي للخبز المخبوز في المخابز:
تشير التقارير إلى أن حجم رغيف الخبز المخبوز في المخابز انخفض بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% مقارنة بالأعوام السابقة. وفي بعض المناطق، وصل الانخفاض إلى 30% وأكثر. هذا التطور لم يصاحبه انخفاض في أسعار الخبز، مما أدى إلى ارتفاع السعر للوحدة. علاوة على ذلك، أفاد بعض المواطنين بأن جودة الخبز المخبوز تدهورت، حيث أصبح الخبز أكثر جفافًا وأقل طراوة.
أسباب انخفاض حجم الخبز:
وفقًا لمصادر مطلعة في قطاع المخابز، هناك عدة أسباب وراء هذا الانخفاض في حجم الرغيف. أولها ارتفاع تكاليف المواد الخام اللازمة لإنتاج الخبز، كالدقيق والسوائل والوقود. هذا الارتفاع في التكاليف دفع أصحاب المخابز لتقليص حجم الرغيف للحفاظ على هوامش الربح. كما أن بعض المخابز تبرر هذا الإجراء بأنه يأتي ضمن جهودهم لترشيد استهلاك الطاقة والمواد الخام، في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وكشفت مصادر مطلعة أن عددا من المخابز والأفران التقليدية بحي أزلي في مراكش لجأت إلى تقليص وزن وحجم الخبزة الواحدة، مع الاحتفاظ بالثمن الأصلي
وتبقى حالة تزويد محلات البقالة ومحلات بيع الخبز والحلويات عادية في ظل توفر المنتجين على الكميات الكافية من المادة الخام، أي الحبوب والسميد، إلا أن مهنيين يؤكدون أن الإشكالية الحقيقية هي عدم احترام أصحاب المخابز لوزن الخبزة العادية، كما تحددها الدولة، أي 200 غرام، إذ يتعلل أصحاب المخابز بأن كلفة الإنتاج (المادة الخام واستهلاك الطاقة وأجرة العمال) تفوق بكثير السعر المتداول، وللتقليل من مصاريفهم يعمدون إلى الخفض من الوزن القياسي للخبزة.
ردود أفعال المواطنين:
لقد أثار انخفاض حجم الخبز استياء واسعًا في أوساط المواطنين، خاصة الطبقات المتوسطة والفقيرة. البعض اعتبر ذلك محاولة لاستغلال المواطنين والانتقام من الفقراء في ظل الأزمة. في المقابل، دافع بعض أصحاب المخابز عن هذا الإجراء بالقول إنهم مجبرون على ذلك لتفادي خسائر كبيرة في ظل الارتفاع الجنوني للتكاليف. وناشد هؤلاء المسؤولين بتقديم الدعم والحوافز اللازمة لمواجهة هذه التحديات.
توصيات لا بد منها:
إن مشكلة انخفاض حجم الخبز المخبوز في المخابز تعكس حالة الضائقة الاقتصادية التي يعيشها المواطنون. في ظل تردي الأوضاع المعيشية وتراجع القدرة الشرائية، يجب على الحكومة التدخل بحزم لحماية الفئات الأكثر ضعفًا من المجتمع. كما ينبغي مراقبة أسعار المواد الخام وتقديم الدعم اللازم لأصحاب المخابز لضمان استمرارية الإنتاج بجودة مقبولة وأسعار معقولة. إن الحفاظ على قوت المواطنين هو واجب وطني واجتماعي لا يجب التهاون فيه.
ما هي الحلول المقترحة لمعالجة هذه المشكلة؟
لمعالجة هذه المشكلة، هناك عدة حلول مقترحة:
1. تنفيذ سياسات واستراتيجيات أكثر صرامة لمعالجة الجذور الحقيقية للمشكلة. هذا قد يتضمن معالجة أوجه القصور الهيكلية والمؤسسية التي تسهم في استمرار المشكلة.
2. الاستثمار في برامج وخدمات متخصصة لدعم المجموعات المتضررة والسماح لهم بالمشاركة بشكل أكبر في عملية صنع القرار.
3. تعزيز التعاون والتنسيق بين جميع الجهات المعنية – الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني – لوضع خطة شاملة للتصدي للمشكلة.
4. زيادة الاستثمار في البحث والابتكار لإيجاد حلول مبتكرة وفعالة على المدى الطويل.
5. تنفيذ برامج توعية وتثقيف للمجتمع للمساعدة في فهم المشكلة بشكل أفضل والتغلب على التحيزات والمفاهيم الخاطئة.
هذه بعض الحلول المقترحة التي قد تساعد في معالجة هذه المشكلة. لكن الحل الأمثل سيتطلب نهجًا متعدد الجوانب ودراسة مفصلة للسياق المحلي.