لا تزال أزمة الخبز بمدينة بوجدور تكشف عن تلاعبات خطيرة أثارت استياء المستهلكين، حيث ازدهرت الأفران العشوائية في الأزقة والأحياء، وأصبحت مصدراً رئيسياً لتزويد السكان بهذه المادة الحيوية دون الالتزام بأي معايير صحية. هذا الوضع يطرح تساؤلات عميقة حول مدى فعالية الرقابة ومدى التزام المنتجين بحماية المستهلكين.
حيث أصبحت الأفران العشوائية منتشرة بشكل كبير في المدينة، مما دفع أصحابها إلى الاتكال على ظروف إنتاج غير صحية، بدءًا من استغلال “الكاراجات” كورشات عمل، وصولًا إلى استخدام أفران ذات جودة ضعيفة تعتمد على أسطوانات غاز البوتان. هذه الممارسات تُعرض الخبز المنتج لخطر التلوث بمكونات سامة، ما يشكل تهديداً مباشراً لصحة المستهلكين وأمانهم.
ورغم هذه الظروف، تستقطب هذه الأفران مئات الزبائن يومياً بسبب العرض الكبير للخبز. ومع ذلك، فإن الطلب يتجاوز العرض في بعض الأحيان، مما يضطر السكان للانتظار طويلاً للحصول على حاجياتهم من الخبز. وفي غياب البدائل الموثوقة والجودة المناسبة، يضطر المواطنون للتعامل مع هذه المنتجات رغم عيوبها.
في ظل هذا الوضع تتزايد التساؤلات حول غياب الرقابة على هذه الأنشطة العشوائية، حيث تُرك المجال مفتوحاً لتغليب الربح على حساب جودة وسلامة المنتجات. جمعية حماية المستهلك بمدينة بوجدور مدعوة للتحرك العاجل من خلال تكثيف عمليات التفتيش والضغط على الجهات المسؤولة لتطبيق أحكام القانون رقم 31.08 المتعلق بحماية المستهلك. هذا القانون يحدد حقوق المستهلك بشكل واضح، مثل الحق في الحصول على منتجات سليمة وآمنة، ويمنح المواطنين الحق في الإبلاغ عن أي ممارسات تهدد سلامتهم.
إن الخبز في الثقافة المغربية ليس مجرد غذاء، بل هو جزء من الحياة اليومية ومكون أساسي في الوجبات العائلية. ومع ذلك، فإن الإهمال الذي يطال إنتاجه وتوزيعه يعكس غياباً مؤسفاً للمسؤولية سواء من المنتجين أو الجهات الرقابية. هذا الوضع يستدعي تفعيل منظومة الرقابة بشكل صارم لحماية المستهلكين من أي ممارسات قد تهدد صحتهم وسلامتهم. كما ان معالجة هذه الأزمة تحتاج إلى وعي جماعي وتضافر الجهود بين السلطات المختصة وجمعيات حماية المستهلك من جهة، ومنتجي الخبز من جهة أخرى، لضمان توفر منتجات آمنة وسليمة تلبي احتياجات الجميع.
