الدخول المدرسي.. محطة حاسمة في حياة كل طفل
مع بداية كل موسم دراسي، تعيش الأسر المغربية على وقع مزيج من المشاعر المتناقضة بين الفرح بمرحلة جديدة في مسيرة أبنائها، والقلق من تحديات الانفصال عن دفء البيت والدخول المدرسي بما يحمله من التزامات وقوانين وانضباط. إنها محطة حاسمة في حياة كل طفل، لا تخلو من توتر البدايات، لكنها تظل فرصة لبناء مستقبل واعد.
الخبراء التربويون يجمعون على أن نجاح هذه المرحلة لا يتوقف فقط على الطفل، بل هو ثمرة استعداد مشترك بين الأسرة والإدارة والمعلمين. فالتلميذ المقبل لأول مرة على القسم يحتاج لطمأنة واحتواء، والتلميذ العائد إلى مقاعد الدراسة يحتاج لتحفيز وتجديد، والمدرسة مطالبة بتوفير بيئة جاذبة تعزز الثقة وتبعث الأمل.
في هذا السياق، تقول أستاذة بإحدى المؤسسات التعليمية الخاصة: إن التحضير يبدأ باجتماعات مع الأطر التربوية قبل أسابيع من الدخول المدرسي، لتذكيرهم بأهمية اليوم الأول باعتباره مدخلا أساسيا لعلاقة ناجحة بين التلميذ ومدرسته. وتضيف أن المؤسسة التي تزاول فيها العمل، تحرص على استقبال التلاميذ في أجواء احتفالية تزينها الألوان والرسومات والأناشيد، مع السماح للآباء بمرافقة أطفالهم في حال شعورهم بالخوف أو القلق.
عثمان، أب لطفل يلتحق بالمستوى الأول ابتدائي، عبر عن مشاعر مختلطة بين الفرح والقلق. يقول أنه بدأ منذ فترة في تهيئة ابنه عبر تنظيم أوقات نومه، وتعويده على فكرة الانضباط والالتزام بقوانين القسم، مع تشجيعه بهدايا صغيرة تغذي حماسه وتزرع فيه الثقة بالنفس.
أما الأخصائية النفسية فتيحة عطشاوي، فترى أن الاستعداد المبكر هو مفتاح النجاح. وتوصي بخلق أجواء تعليمية داخل البيت في أواخر العطلة الصيفية، من خلال الكتب والقصص والرسم والتلوين، إلى جانب تدريب الطفل على تحمل مسؤوليات بسيطة تجعله أكثر قدرة على الاعتماد على نفسه. وتشدد على أهمية الخطاب الإيجابي الذي يحبب المدرسة للطفل ويجعله يقبل عليها بشغف، معتبرة أن التعاون بين الأسرة والمؤسسة التعليمية هو السبيل لتجاوز قلق الانفصال وبناء الثقة والأمان.
الدخول المدرسي إذن ليس مجرد يوم عابر، بل هو حدث يؤسس لمسار طويل يحدد ملامح المستقبل. وبين بهجة الأطفال وهم يحملون محافظهم الجديدة، ودموع بعض الأمهات في لحظة الفراق الأولى، يظل الأمل معقودا على أن تكون المدرسة فضاء للعلم والمعرفة، وللسعادة أيضا.
أيها الآباء والأمهات، إن لحظة الدخول المدرسي ليست امتحانا لأبنائكم فقط، بل هي اختبار لكم أيضا في مدى قدرتكم على منحهم الحب والثقة والدعم اللازم. لا تجعلوا القلق يسرق فرحتكم بهذه البداية، واغرسوا في نفوس صغاركم أن المدرسة ليست مكانا للخوف، بل فضاء للاكتشاف والصداقة والمعرفة. كل كلمة طمأنة، كل ابتسامة، وكل حضن دافئ هو زاد حقيقي يساعدهم على مواجهة عالمهم الجديد بثبات وأمل. فكونوا سندهم الأول، وكونوا يقينهم بأن الغد أجمل.