في تقرير حديث أصدره معهد الولايات المتحدة للسلام، تتكشف معالم مرحلة جديدة في النزاع الطويل على الصحراء المغربية، حيث يبدو أن النهاية باتت قريبة وحتمية. التقرير يسلط الضوء على التطورات الأخيرة التي عززت موقف المغرب على الساحة الدولية، مع اعتراف فرنسا رسميًا بمطالب المغرب السيادية على كامل أراضيه، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، ما يعكس تحولًا دوليًا كبيرًا لصالح الرباط.
التحول الفرنسي، الذي أنهى عقودًا من الحياد، يُعتبر خطوة مفصلية في هذا النزاع، حيث يتزايد الإجماع الدولي على دعم سيادة المغرب، مما يجعل من وضعه الحالي أمرًا يصعب تغييره. التقرير يؤكد أن هذا الدعم، إلى جانب التفوق العسكري المغربي، يضع حركة البوليساريو الانفصالية في موقف لا يُحسد عليه، ويترك لها خيارًا واحدًا فقط: القبول بشكل من أشكال الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو ما قد يكون الخيار الأفضل لها وللداعم الرئيسي، الجزائر.
ويرى التقرير أن البوليساريو، التي تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب الأوضاع الإنسانية المتدهورة في مخيمات تندوف، قد تجد نفسها مضطرة للتفاوض على شروط سلام تتيح لها الخروج من هذا المأزق. إن إنهاء النزاع لن يحسن فقط من العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر، ولكنه أيضًا سيعزز الاستقرار في المنطقة بأسرها.
ومنذ انسحاب إسبانيا من الصحراء عام 1975، واصل المغرب تطوير أراضيه، في حين حاولت البوليساريو بدعم جزائري انتزاع هذه الأراضي من السيادة المغربية. ومع دخول الأمم المتحدة على الخط في عام 1991 لإنهاء النزاع عبر استفتاء، إلا أن المفاوضات لم تحقق تقدمًا يُذكر، ما أتاح للمغرب تعزيز سيطرته على معظم الأراضي المتنازع عليها.
وفي ظل تزايد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2020، انضمت العديد من الدول إلى هذا الموقف، حيث بلغ عددها 37 دولة حتى الآن، وكان للاعتراف الفرنسي الأخير أهمية خاصة في ترسيخ هذا التحول. التقرير يشير إلى أن خطة المغرب لإعادة إدماج الصحراويين من مخيمات تندوف تُعدّ خطوة حاسمة نحو حل أزمة إنسانية تشمل حوالي 173 ألف شخص.
ويبرز التقرير تراجع المعارضة الأوروبية لمطالب المغرب السيادية، نتيجة لتزايد التجارة مع المغرب وأثر التحول في الموقف الأميركي. ورغم أن دولًا مثل الصين وروسيا وتركيا والمملكة المتحدة لا تزال تتبنى مواقف حيادية، إلا أن التقرير يتوقع أن هذا الحياد لن يستمر طويلًا في ظل التحولات الدولية المستمرة.
فيما تواجه قيادة البوليساريو انتقادات متزايدة من الصحراويين الذين يرونها قديمة وغير فعالة، قد تجد الجزائر نفسها مضطرة لإعادة تقييم دعمها لهذه الحركة، خاصة إذا ما أظهرت البوليساريو استعدادًا لقبول الحكم الذاتي. يمكن أن يقود ذلك إلى تسوية دبلوماسية تمنح الجزائر فرصة للخروج من النزاع دون خسارة كبيرة، خاصة إذا ما ارتبطت التنازلات بمكاسب مباشرة لها.
التقرير يختم بتأكيده على أن الزخم الدولي اليوم يقف بقوة إلى جانب المغرب، مشيرًا إلى أن النزاع على الصحراء المغربية يقترب من نهايته. ومع التفوق العسكري والدعم الدولي، يبدو أن البوليساريو أمام خيار وحيد: التفاوض على تسوية تحفظ لها بعض المكتسبات، وإن كانت أقل مما كانت تطمح إليه في السابق.
وبذلك، فإن أحد أطول النزاعات في إفريقيا يتجه نحو نهايته، مع بروز الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي وفعلي.
المصادر:
- معهد الولايات المتحدة للسلام.
- تقارير دولية حول نزاع الصحراء المغربية.
- المواقف الرسمية للدول الكبرى بشأن الصراع.