كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في افتتاح مناظرة حول : “الأمن القانوني وجودة التشريعات : المفاهيم والرهانات والآفاق المقارنة”.
أكد السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، خلال افتتاح مناظرة علمية حول موضوع “الأمن القانوني وجودة التشريعات: المفاهيم والرهانات والآفاق المقارنة”، أن هذا الموضوع “يكتسي من الأهمية والراهنية ما يجعله محورَ انْشِغَالِ واشتغالِ المؤسسات والأكاديميين”، مشيرًا إلى أن الأمن القانوني وجودة التشريعات يمثلان ركيزتين أساسيتين في صرح الدولة الديمقراطية الحديثة.
وجاءت هذه المناظرة، التي انعقدت بالرباط يومي 6 و7 ماي 2025، ثمرة تعاون بين مجلس النواب المغربي وشركائه الدوليين، وعلى رأسهم اللجنة الأوروبية من أجل الديمقراطية بواسطة القانون (لجنة البندقية)، والاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا وجمعيته البرلمانية. وفي هذا السياق، أثنى الطالبي العلمي على هذه الشراكات التي قال إنها “تتجاوز المنافع والتجارة إلى العلم والقيم”.
وشدد رئيس مجلس النواب على أن تنظيم هذه المناظرة يأتي ضمن حرص المؤسسة التشريعية على تعزيز الثقافة البرلمانية الديمقراطية، مشيرًا إلى أن “مجلس النواب راكم إنتاجا وافراً من دلائل عملية وأطر ووثائق مرجعية ودراسات تتعلق بالمساطر البرلمانية في مجالات التشريع والرقابة والتقييم”.
وأضاف أن جودة التشريعات تشكل أولوية في العمل البرلماني، مؤكدا ضرورة أن تكون القوانين “واضحة وقابلة للفهم والتأويل الأقرب إلى جوهرها ومقاصدها”، و”قابلة للولوج من طرف الجميع”.
وفي سياق الحديث عن التطور التشريعي بالمملكة، أشار الطالبي العلمي إلى “الطفرة التشريعية الهائلة التي حققها المغرب خلال الخمس وعشرين سنة الأخيرة”، مذكرا بأن البرلمان صادق منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش على “ما مجموعه 1477 نصا قانونيا” تتنوع بين قوانين تنظيمية ونصوص تؤطر إصلاحات كبرى في مختلف المجالات.
وأوضح أن المغرب يحرص على الانفتاح على التجارب الدولية وتَجْسِير العلاقات مع الجامعات ومراكز البحث، مؤكدا أن “التشريع بقدر ما يعكس حاجة مجتمعية ورؤية سياسية، بقدر ما يحتاج إلى رؤية رجال القانون من مهنيين ممارسين وأكاديميين وباحثين”.
ومن خلال هذه المناظرة، يتطلع مجلس النواب إلى مقاربة مجموعة من الأسئلة الجوهرية، من بينها: “ما الذي يعنيه الأمن القانوني كمفهوم قديم/جديد؟”، وما هي “مكانته في سياق دولي معولم”، وكيف يمكن أن يكون “معياراً لجاذبية الاقتصادات الوطنية”، إضافة إلى دوره في “تعزيز حكامة التنظيمات الاجتماعية وشفافية التعاقدات وترسيخ ثقافة العيش المشترك”.
وفي ذات السياق، أكد الطالبي العلمي أن المغرب يوجد اليوم في “سياق إصلاحي من سِمَاتِهِ تجديدٌ كبيرٌ في تشريعاتنا”، وذلك في ضوء دستور 2011 الذي وصفه بـ”الدستور التحرري والحقوقي بامتياز”.
كما لفت إلى أن التزامات المغرب الدولية، وتنوع علاقاته الاقتصادية والبشرية، تفرض “الاستجابة التشريعية لمتطلبات هذا التموقع الإقليمي والدولي”، معتبراً أن ذلك يتطلب “وضوح وجودة ومقروئية تشريعاتنا”، وخصوصاً في ظل موقع المملكة كأحد أقرب الشركاء للاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا في محيط البحر الأبيض المتوسط.
وختم رئيس مجلس النواب كلمته بالتأكيد على أن “الحرص على استحضار هاجِسَي الأمن القانوني وجودة النصوص ووضوح القواعد” بات ضرورة لضمان الحقوق والحريات، مشيراً إلى أن النقاشات المنتظرة خلال هذه المناظرة ستساهم لا محالة في “إثراء ثقافة الأمن القانوني وسلامة الصياغة التشريعية ووضوحها”.