رغم الدينامية التي يعرفها إقليم الجديدة في الآونة الأخيرة، وما يُبذل من مجهودات ملموسة على مستوى عمالة الإقليم في سبيل تثمين الهوية المجالية للمدينة وإبراز مؤهلاتها كوجهة سياحية ذات إشعاع متوسطي، لا تزال بعض البؤر الحضرية تعيش على وقع تناقض صارخ مع هذا التوجه، وعلى رأسها حي الفالورة، الواقع ضمن النفوذ الترابي للملحقة الإدارية الرابعة.
عدسة منبرنا وقفت على مشهد صادم يعكس حجم الانفلات الذي تعرفه معالم الفضاء العام في هذا الحي. الأرصفة محتلة بالكامل، السلع مفروشة على الأرض بشكل عشوائي، والممرات التي يُفترض أن تُخصص للعبور الآمن تحوّلت إلى أسواق موازية مفتوحة، تعج بالفوضى والضجيج، دون أثر لأي تدخل تنظيمي أو مراقبة ميدانية.
اللافت أن هذا الوضع لا يتم في الخفاء، بل يجري تحت أنظار من يُفترض فيهم السهر على تطبيق القانون وصيانة المرفق العام من مظاهر التسيب. ومع غياب أي مؤشرات على تدخل وشيك من قبل السلطة المحلية، وتحديدًا الملحقة الإدارية الرابعة، يطرح سؤال المحاسبة نفسه بإلحاح: من يملك قرار استرجاع الفضاء العمومي من براثن الفوضى؟ ومن يعرقل دينامية الإصلاح التي انطلقت على صعيد الإقليم؟
لقد أصبح من الواضح أن استمرار هذا الواقع يُسيء إلى صورة مدينة تسعى جاهدة لتكريس موقعها في خارطة المدن الجاذبة للاستثمار والسياحة، ويعرقل كل الجهود المؤسسية الرامية إلى إعادة الاعتبار للواجهة الحضرية للجديدة.
ما رصدته عدستنا لا يندرج ضمن هامش الاستثناء، بل يعكس نمطًا متكرّرًا من التجاوزات التي تستنزف المجال وتُفرغ القانون من مضامينه، في غياب الحزم المطلوب لإعادة الأمور إلى نصابها.
المسألة، في جوهرها، لم تعد تتعلق بانتشار طاولات وبضائع هنا وهناك، بل بسؤال أكبر: هل فقدت السلطة المحلية بوصلتها في هذا الحي؟ أم أن هناك من اعتاد استثمار الفوضى كأصل مضمون؟
حين يُهمل الفضاء العام، تُصاب المدينة في كرامتها، ويُصاب القانون في روحه.
