في ظل تصاعد حوادث السير الكارثية في مدينة القنيطرة وضواحيها، تكشفت حقائق صادمة عن الإهمال الصارخ في تجهيزات القيادة الإقليمية للوقاية المدنية. هذا الواقع المؤلم يضع حياة المواطنين على المحك، إذ أن العجز عن توفير المعدات الضرورية للاستجابة السريعة يعرض أرواحهم للخطر ويعكس غياب المسؤولية لدى الجهات المعنية.
القنيطرة، ثالث أكبر مركز صناعي في المغرب، تضم منطقة صناعية ضخمة، ورغم ذلك، فإنها لا تملك سوى سيارتي إسعاف. هاتان السيارتان، اللتان تفتقران إلى قنينات الأوكسجين ومواد الإسعاف الضرورية لعلاج الجروح والنزيف، هما مجرد عربتي نقل لا تصلحان لتقديم الإسعافات الأولية. هذا الأمر يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى احترام هذه المدينة لحياة مواطنيها.
ما يزيد من فداحة الوضع هو أن هاتين السيارتين مسؤولتان عن تغطية مناطق واسعة تضم جماعات القنيطرة والمهدية وسيدي الطيبي والحدادة وأولاد سلامة والمكرن، بالإضافة إلى الطريق المؤدية إلى “الكاموني” وجماعة عامر السفلية. هذه المناطق التي تشهد حوادث سير مروعة واعتداءات إجرامية يومية، لا تجد سوى هاتين الوسيلتين البائستين للتعامل مع الطوارئ.
وفي الوقت الذي تُهمل فيه القيادة الإقليمية للوقاية المدنية تجهيزاتها الضرورية، نجد ثكنتين في منطقتي أولاد عرفة والصحة مهجورتين منذ بنائهما قبل أكثر من عشر سنوات، مما يعكس إهمالًا صارخًا وإهدارًا للمال العام.
ومن المفارقات المأساوية أن الأموال تتدفق بسخاء على مهرجانات وفعاليات لا تخدم الصالح العام، مثل معرض الفواكه الحمراء الذي خصصت له ميزانية 400 مليون سنتيم، بينما تُهمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية توجيه أموالها لسد النقص الحاد في تجهيزات الوقاية المدنية. فهل حياة المواطنين لا تستحق أن تُصرف لأجلها هذه الأموال؟ وهل تخلت المبادرة عن دورها في تجهيز عناصر الوقاية المدنية بالقنيطرة بما يلزم لإنقاذ الأرواح؟