المجلس الوطني لحقوق الإنسان يصدر مؤلفا جماعيا حول العدالة الانتقالية ويقدمه بمقر مجلس المستشارين بالعاصمة الرباط

8 ديسمبر 2024
المجلس الوطني لحقوق الإنسان يصدر مؤلفا جماعيا حول العدالة الانتقالية ويقدمه بمقر مجلس المستشارين بالعاصمة الرباط
العربية.ما - إدريس قدّاري

 تم، يوم أمس، السبت 7 دجنبر 2024، بمقر مجلس المستشارين، تقديم مؤلف جماعي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول “العدالة الانتقالية”، وذلك ضمن أشغال المناظرة الدولية المنعقدة حول موضوع “مسارات العدالة الانتقالية من أجل إصلاحات مستدامة”.

وأبرز الأستاذ الجامعي، محمد السعدي، في كلمة تقديمية، أن هذا المؤلف الجماعي يعد استلهاما لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ويتوخى تقديم التجربة المغربية الفريدة في المصالحة من حيث دلالاتها المتنوعة ورؤاها المتعددة لحقول معرفية مختلفة.

وقال الأستاذ أن المؤلّف سلط الضوء على أربعة محاور رئيسية، وهي العدالة الانتقالية كمفهوم وتجربة، والعدالة الانتقالية: تأملات في الحقيقة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار، والعدالة الانتقالية: تأملات في الأثر، فضلا عن تأملات ودراسات مقارنة بين مختلف التجارب الدولية.

وأوضح الأستاذ أن هذا العمل الأكاديمي “يُعرف العدالة كمفهوم مركب وغير ثابت يستدعي الواقعية عبر التوافقات والترضيات بعيدا عن مشاعر الضغينة”، مبرزا أنه على هذا الأساس، جاء المؤلٌف بمفهوم المصالحات بدل المصالحة والعدالات الانتقالية بدل العدالة الانتقالية. وركز (المؤلّف) على الدراسات المقارنة، عبر استحضار أحداث تاريخية مهمة تحيل على الانتقال الديمقراطي في العالم لاستخلاص الدروس من عدة تجارب، مبرزا أنه اعتمد أيضا على رؤية استشرافية من خلال تعقب الأثر، أي استدعاء الماضي في الحاضر لبناء المستقبل.

وأكد الأستاذ السعدي على أنه ”لا معنى لعدالة انتقالية إذا لم تُفض إلى إحداث تغيير في حياة الناس والمجتمعات والتشريعات، وذلك عبر الأثر التحويلي”.

كما أوضح أستاذ التاريخ المعاصر والراهن بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عبد العزيز الطاهري، من جانبه، إن المؤلّف يتميز من حيث هندسته ومبناه، بكونه عملا علميا جماعيا من حجم كبير شارك فيه باحثون وباحثات مغاربة وأجانب بلغ عددهم 23 ، وينتمون إلى تخصصات علمية إنسانية واجتماعية متعددة، من بينهم خبراء وعضوين في هيئة الإنصاف والمصالحة، ساهموا بمقالات علمية باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.

وقال الأستاذ الطاهري أن المؤلّف تميز بسمتين منهجيتين على قدر كبير من الأهمية، تتمثل الأولى في حضور المقاربة متعددة التخصصات، من خلال تناول تجربة العدالة الانتقالية المغربية في أبعادها المختلفة النظرية، والفلسفية، والقانونية، والتاريخية، والسياسية، والاجتماعية، والنفسية، فيما تتجلى السمة الثانية في اعتماد المنهج المقارن سواء بشكل ضمني، أوبشكل معلن ومقصود. وأن المؤلّف استحضر واقع العنف السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان، والتي عملت هيئة الإنصاف والمصالحة، في إطار اختصاصها النوعي والزمني الذي يمتد من 1956 إلى 1999، على طي ملفاتها، إلى جانب طابع الاستمرارية الذي ميز السياق السياسي الذي تمت فيه أعمال العدالة الانتقالية المغربية.

كما أبرز الأستاذ الطاهري أن تقييم تجربة العدالة الانتقالية حضر في الكتاب أيضا من خلال مناقشة نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة وما آلت إليه مخرجاتها، وخاصة التوصيات التي أصدرتها، وذلك في ارتباط بمسائل الإصلاح السياسي والدستوري، وبمفاهيم الانتقال والتحول الديموقراطيين، وبمسارات التنمية وبناء المواطنة وترسيخ حقوق الإنسان والانخراط في منظومتها الدولية.

ومن جهتها، قالت عضوة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقا، أمينة لمريني، إن المساهمة في هذا المؤلف تأتي انطلاقا من التفكير بشكل جماعي في مرتكزات العدالة الانتقالية، على مستوى الثقافة والتعليم والتربية، وهو ثمرة مجهود دام أربع سنوات. وأن هذا الإسهام ينبثق من الرهان على الحمولة الثقافية والتعليمية المتعلقة بدرء حالات التكرار بشكل مستدام، والقطيعة مع كافة الممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان وتغيير السلوك وتبني مبادئ قائمة على الاحترام والتسامح والتعايش. ولفتت السيدة لمريني، إلى أن هناك فرصتين مهمتين في إطار تعزيز مسار العدالة الانتقالية بالمغرب. ويتعلق الأمر بإصلاح المنظومة التعليمية وبتعزيز دور وسائل الإعلام في نشر المعلومة والنهوض بثقافة حقوق الإنسان.

هذا، ونوه المستشار السابق لسياسات جبر الأضرار بمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تيري سافاج، بالتجربة المغربية في التأسيس للعدالة الانتقالية، من خلال “تجربة الاستماع لشهادات الضحايا خلال جلسات علنية بخصوص ما عاشوه، ثم القرار الحكيم المتعلق بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة التي عملت على إرساء ثلاثة مبادئ أساسية، وهي الحقيقة والإنصاف والمصالحة”.

وبدوره، أشاد السيد سافاج بإدماج توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الدستور المغربي وإرساء جبر الضرر “كمسألة معنوية ورمزية”، منوّها في هذا السياق بدور البرلمان في مجال تشريع النصوص القانونية ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان.

 

وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم مجلسي النواب والمستشارين، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان لهذه المناظرة الدولية على مدى يومي الجمعة والسبت 6 و7 دجنبر 2024، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تأتي في سياق تخليد الذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة. وقد شارك في أشغالها ثلة من المسؤولين الوطنيين والأجانب، يمثلون الحكومة والبرلمان والقضاء والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والآليات الوطنية للوقاية من التعذيب، فضلا عن مسؤولين من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وخبراء وأكاديميين.

وفيما يخص المواضيع التي تمت مناقشتها خلال المناظرة، فقد ارتبطت بمسارات العدالة الانتقالية، وأدوار المؤسسات العمومية والمجتمع المدني في هذه المسارات وفي دعم تنفيذ توصيات هيئات العدالة الانتقالية، إضافة إلى قضايا الذاكرة.

كما ناقشت الجلسات الموضوعاتية سبل الاستفادة من مسارات، تشكل العدالة الاجتماعية، بانعكاساتها ونتائجها، مرجعا لتجارب أخرى حالية ومستقبلية، خاصة هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها تجربة غنية بممارساتها الفضلى، ومتفردة من حيث تدبيرها، وإنجازها ومنجزها وتوصياتها.

المصدر العربية.ما عن و.م.ع.أ
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.