نظمت المحكمة الابتدائية بتيفلت، يوم الجمعة 18 أكتوبر 2024، مائدة مستديرة تمحورت حول موضوع ”الحماية التنفيذية للأحكام القضائية، الإكراهات والتطلعات“، بحضور السيد رئيس المحكمة الابتدائية بتيفلت والسيدة نائبته والسيد وكيل الملك بذات المحكمة والسيد نائبه الأول والسيد ممثل نقيب المحامين والسيد رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين وعدد من أطر وموظفي كتابة الضبط والعديد من المحامين والمفوضين القضائيين.
استهل اللقاء بكلمة افتتاحية تفضل بها السيد رئيس المحكمة الإبتدائية بتيفلت، الأستاذ سيدي أمين العلمي، الذي رحب بالحضور الكريم، وأكد أن اختيار هذا الموضوع نابع من الأهمية التي يكتسيها التنفيذ الذي يعتبر التجسيد الحقيقي للأحكام على أرض الواقع وهو الآلية لإيصال الحقوق إلى أصحابها، وأضاف أن حماية صاحب السند التنفيذي فيه صون لهيبة العدالة ومن تم صون لهيبة الدولة. واعتبر الأستاذ العلمي أن هذا الحفل العلمي هو مناسبة سانحة لتدارس كافة الإشكاليات التي تطرحها عملية التنفيذ والتي تؤرق الجميع -كل من موقعه- كما أنها فرصة لطرح المقترحات والتوصيات لتجاوز المعيقات التي تحول دون تحقيق الحماية التنفيذية المرجوة..
ومن جانبه، عبّر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتيفلت، الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد، عن شكره لرئيس المحكمة على كلمته الافتتاحية التي أطرت الموضوع وأحاطت بعدة جوانب إجرائية وموضوعية، وأشار أن موضوع تنفيذ الأحكام يكتسي أهمية خاصة وبالغة ويعتبر مرحلة أساسية من مراحل التقاضي لأنه العمود الفقري للعدالة، ولأن العبرة هي إيصال الحقوق لأصحابها كاملة، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق التنفيذ. وأضاف الأستاذ بوعبيد أن الواقع العملي أكد وجود تعثر في تنفيذ الأحكام المدنية والزجرية وهو ما يدفع للتساءل حول الاكراهات والصعوبات. قائلا لعل السبب الرئيسي يعود إلى عدم التوفر على الإمكانيات المادية والبشرية وهو ما ينعكس سلبا على التنفيذ سواء في شقه المدني أوالزجري. ولم يفته أن أشاد بالدور الذي تقوم به أطر كتابة الضبط فيما يخص إجراءات التنفيذ وكذا المجهودات التي يبذلها المفوضون القضائيون للتغلب على الإكراهات.
وتوالت كلمات ومداخلات أخرى، أجمعت على أهمية الموضوع المطروح للنقاش والتداول وتبادل الأفكار والخبرات..، وعبّر ممثل نقيب هيئة المحامين عن شكره لرئيس المحكمة ووكيل الملك على هذه المائدة المستديرة التي اعتبرها “مبادرة حميدة أساسها البعد الثقافي والبعد المستقبلي لمجريات الأمور خصوصا مع التطور الحضاري والإشكالات التي أصبحت تطرح والتي تعمل المحاكم في سائر أرجاء المملكة على معالجتها في إطار المقتضى التشريعي المعمول به، موضحا أنه لكي تعطى للمعالجة فاعلية في إطار الاحكام الصادرة فإنه يخضع لعملية التنفيذ إلا أنه في هذه العملية تطرح عدة إشكالات، علما بأن تنفيذ الأحكام هي روح نابضة تعطي لهذه الأخيرة الفاعلية المتوخاة منها إذ ببقاء الأحكام دون تفعيل تبقى مجرد حبر على ورق”.
ومن جانبه أكد رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين أن مشاركتهم في هذه المائدة المستديرة يأتي إيمانا منهم بأن التكوين والتكوين المستمر هو أساس النهوض بأي مهنة منضوية تحت لواء منظومة العدالة، وأن “موضوع هذه المائدة هو عصب الاصدارات القضائية من أحكام والتي عند صدورها فإن المتقاضي لاينظر إلى منطوقها فحسب بل ينظر إلى نتاجها والذي هو التنفيذ والذي تعترضه عدة صعوبات وإكراهات منها المادية والتشريعية”.
كما تدخلت الأستاذة حنان ايت فاسكى، وهي قاضية التنفيذ بالمحكمة الابتدائية بتيفلت، وتطرقت لموضوع “مؤسسة قاضي التنفيذ على ضوء مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23”، حيث تناولت الدور المستقبلي لقاضي التنفيذ والذي “أصبح مؤسسة مهمة في منظومة العدالة أوكلت لها زمرة من اختصاصات رئيس المحكمة”، وطرحت مجموعة من الإشكاليات والتساؤلات فصد البحث فيها وصبر أغوارها.
وقدم الأستاذ إدريس أزلال، النائب الأول لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتيفلت، مداخلته في موضوع “دور النيابة العامة في تنفيذ الأحكام المدنية”، حيث أكد أن مسألة تنفيذ الأحكام “مسؤولية الجميع”، وأبرز الدور المحوري للنيابة العامة في الشق المتعلق بتنفيذ الأحكام المدنية والزجرية مبرزا المراجع القانونية والأسس التي تستند عليها النيابة العامة وكذلك المسطرة المتبعة في هذا الصدد.
فيما تدخل الأستاذ محمد بابي، المحامي بهيئة الرباط، في موضوع “الدور الإيجابي للمحامي في مجال تنفيذ الأحكام القضائية”، حيث أبرز في مداخلته دور المحامي الذي “يعد استراتيجية الدفاع ويكون بمثابة الناصح الأمين لموكله، والذي بخبرته يقوم بما في صالح الموكل”. كما تطرق بدوره للإكراهات والصعوبات التي تعترضهم كهيئة دفاع عند تنفيذ الأحكام.
هذا، وتطرق الأستاذ أحمد اكريطيط، مأمور إجراءات التنفيذ بالمحكمة الابتدائية بتيفلت، في مداخلته لموضوع ”إجراءات التنفيذ في المادة المدنية بين التأصيل والتنزيل”
واختتمت المداخلات بمداخلة الأستاذ حسن أبراح، مفوض قضائي بالمحكمة الابتدائية بتيفلت، الذي تطرق فيها لموضوع “حجز ما للمدين لدى المفوض القضائي الإطار القانوني والمشروعية”
وتوجت مجموع هذه المداخلات بفتح النقاش بين الحاضرين، الذين عبر العديد منهم عن رأيه في موضوع محور المائدة المستديرة، سواء بإغناء النقاش أوبطرح أسئلة، هذه الأخيرة التي أجاب عنها بتفصيل رئيس المحكمة الأستاذ العلمي.