المغرب: 24 ساعة تفصل عن قرار أممي حاسم يزكي الحكم الذاتي ويحدد موعدا نهائيا للحل
على بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من التصويت الحاسم في مجلس الأمن بشأن القرار 2025 حول الصحراء المغربية، يدخل المغرب مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الدبلوماسية المكثفة مع توازنات جيوسياسية معقدة.
فالرهان مزدوج، ضمان تسعة أصوات مؤيدة على الأقل وتفادي أي استعمال لحق النقض من قبل الأعضاء الدائمين، إن القرار المنتظر، الذي صاغته الولايات المتحدة بصفتها “حاملة القلم”، يعتبر نقطة تحول في مسار النزاع، إذ يزكي بشكل واضح مخطط الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي تحت السيادة المغربية.
وتؤكد المسودة النهائية للقرار لأول مرة وبشكل صريح أن مقترح المغرب “جاد وموثوق وواقعي”، وتصفه بأنه “الأساس الأكثر مصداقية لحل عادل ودائم”، مع إشارة غير مسبوقة إلى “قيادة الرئيس ترامب في دعم حل النزاع”، في خطوة دبلوماسية تكرس الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
وتبقي المسودة على الإشارة إلى الأطراف الأربعة المعنية، لكنها تبرز الجزائر بوضوح كطرف رئيسي، وهو تحول دلالي يعكس إدراك المجتمع الدولي للدور المحوري الذي تلعبه الجزائر في استمرار النزاع.
في المقابل، يتراجع حضور جبهة البوليساريو في النقاشات الدولية إلى أدنى مستوياته، بعدما فقدت ما تبقى من مصداقيتها السياسية والدبلوماسية، هذا التراجع جعل من الملف في جوهره ثنائيا بين الرباط والجزائر، وهو ما يفسر الجهود الأمريكية الحثيثة لدفع البلدين نحو مسار تفاوضي مباشر، وفق ما أكده المستشار الخاص للرئيس الأمريكي، مسعد بولس، الذي أعرب عن تفاؤل واشنطن بقرب التوصل إلى حل نهائي يرضي جميع الأطراف “قدر الإمكان”.
ومن أبرز عناصر التحول في القرار الجديد، تقليص ولاية بعثة المينورسو من سنة إلى ثلاثة أشهر فقط، مع مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم توصيات حول “تغيير أو إنهاء” مهام البعثة بناء على نتائج المفاوضات.
ويحدد القرار موعدا نهائيا بحلول 31 يناير 2026 للتوصل إلى تسوية سياسية نهائية، ما يعكس رغبة المجتمع الدولي، وخصوصا واشنطن، في إنهاء الجمود الذي دام لعقود.
أما في كواليس مجلس الأمن، فقد واصلت الولايات المتحدة، عشية التصويت، اتصالاتها المكثفة مع بقية الأعضاء لتفادي أي فيتو محتمل، خصوصا من روسيا أو الصين. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن موسكو، رغم تحفظها التقليدي، لا تميل إلى تعطيل القرار، لاسيما بعد توقيع اتفاقيات ثنائية اقتصادية مع المغرب تشمل الأقاليم الجنوبية.
كما أن تعديلات طفيفة أدخلت على النص في الساعات الأخيرة، أبرزها إدراج بند يدعو إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف، وهو مطلب مغربي طال انتظاره وتعارضه الجزائر بشدة.
في هذا السياق، يبدو أن الولايات المتحدة تراهن على توافق دولي غير مسبوق حول ضرورة طي هذا الملف نهائيا، فإذا ما تم اعتماد القرار غدا بأغلبية مريحة، فسيكون ذلك بمثابة اعتراف أممي ضمني بمرجعية مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وبداية لمرحلة جديدة في مسار السلام الإقليمي، حيث يتوقع أن تليها جهود مكثفة لتقريب وجهات النظر بين الرباط والجزائر تمهيدا لتطبيع العلاقات بين البلدين، كما لمح إلى ذلك المسؤولون الأمريكيون، كما ان الجزائر أمامها فرصة للتخلص من دعم الانفصال.
