في إطار استراتيجيته لمواجهة أزمة المياه المتفاقمة الناتجة عن موجات الجفاف المستمرة، وقع المغرب مؤخرًا عقودًا بقيمة 27.5 مليون دولار مع شركة “إنرجي ريكوفري” الأميركية، المتخصصة في تصنيع أنظمة استعادة الطاقة. هذه العقود تشمل توريد أجهزة مبادل ضغط لمشاريع تحلية المياه بالتناضح العكسي، مما يعزز جهود المملكة في تأمين مصادر مياه مستدامة.
وتراهن الرباط بشكل كبير على مشاريع تحلية مياه البحر كجزء من استراتيجيتها الشاملة لتلبية أكثر من نصف احتياجاتها من الماء الصالح للشرب وسقي المساحات الزراعية الكبيرة بحلول عام 2030. ويستهدف المشروع إنتاج 1.3 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، ستخصص 53% منها لمياه الشرب، و23% للري، و24% للقطاع الصناعي.
ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع رسميًا بنهاية عام 2024، مما سيمكنه من إنتاج أكثر من مليون متر مكعب من مياه الشرب يوميًا، تكفي لتلبية احتياجات 600 ألف مواطن مغربي. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم المشروع في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 475 ألف طن سنويًا، وهو ما يعادل إزالة أكثر من 100 ألف سيارة من الطرق.
وفي تصريحات لرودني كليمنتي، نائب الرئيس الأول لشؤون المياه في “إنرجي ريكوفري”، أكد أن التحلية تمثل المصدر الوحيد القادر على مقاومة الجفاف، خاصة في المناطق الجافة مثل شمال إفريقيا. وأضاف أن “هذه العقود تمثل أحد أكبر مشاريع التحلية في شمال إفريقيا، وستسهم في سد الفجوة بين الإمدادات الحالية والطلب المتزايد في المغرب.”
وتتمتع أجهزة مبادل ضغط التي توفرها الشركة بميزة تقليل استهلاك الطاقة في عمليات التحلية بنسبة تصل إلى 60%، مما يقلل من تكاليف التشغيل ويعزز من كفاءة المشروع بشكل كبير.
ويخطط المغرب لإنشاء ما لا يقل عن عشرين محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030، ضمن استراتيجية تهدف إلى تلبية الطلب المتزايد على المياه. وتعتبر محطة الدار البيضاء الكبرى من المشاريع ذات الأولوية، حيث ستنتج 548 ألف متر مكعب يوميًا، بما يعادل 200 مليون متر مكعب سنويًا.
بجانب ذلك، ستعزز محطات التحلية في أكادير والعيون والداخلة من قدرة المملكة على تلبية احتياجات مياه الشرب والري في مناطق متعددة. وللاشارة فمحطة شتوكة آيت باها في أكادير تعمل منذ يناير 2022، بينما ستوسع محطة التحلية في العيون لتلبية احتياجات سكان المنطقة والمناطق المجاورة.
كما تعتبر محطة الداخلة من المشاريع الاستراتيجية البارزة، مع قدرة إنتاجية تتراوح بين 90 ألف و100 ألف متر مكعب يوميًا، مما سيعزز توفير مياه الري لأكثر من 5 آلاف هكتار، بالإضافة إلى تلبية احتياجات مياه الشرب للمدينة ومحيطها.
وفقًا لتقرير حديث من “بي.أن.سي انتلجنس”، يحتل المغرب مرتبة متقدمة في استثمار مشاريع تحلية المياه، حيث تصدّر الترتيب الإفريقي والمرتبة السادسة عربيًا، باستثمار إجمالي قدره 2.37 مليار دولار. ويعزز هذا الاستثمار مكانة المغرب كقوة رائدة في تطوير استراتيجيات المياه في المنطقة.