أزمة صامتة داخل الوكالة الوطنية للمياه والغابات: إقصاء المهندسين الغابويين من مشاورات تعديل النظام الأساسي وتعثّر تسوية حقوقهم المالية و الادارية

أزمة صامتة داخل الوكالة الوطنية للمياه والغابات: إقصاء المهندسين الغابويين من مشاورات تعديل النظام الأساسي وتعثّر تسوية حقوقهم المالية و الادارية
العربية.ما - الرباط

عاد موضوع وضعية المهندسين الغابويين إلى صدارة النقاش داخل القطاع الغابوي، بعد توجيه جمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين لثلاث مراسلات رسمية إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات توصلت جريدة العربية.ما بنسخة منهم، تتعلق أساسا بمراجعة النظام الأساسي للعاملين بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، وتسوية الوضعيات المالية العالقة، ومعالجة الإلحاقات الإدارية التي مست عددا من الأطر. و كذا اعطاء المال لطلبات إنهاء الالحاق مع مراعاة الاستقرار الاجتماعي. وتعكس هذه الوثائق مستوى القلق المتزايد داخل صفوف المهندسين الغابويين، والذين يعتبرون أنفسهم خارج دائرة المشاورات، رغم طبيعة مهامهم السيادية وأدوارهم الحيوية في حماية الثروة الغابوية الوطنية.

 

المراسلة الأولى، رقم 40/ج خ م و غ م / 2025، تركز على مراجعة النظام الأساسي الجديد للوكالة. وتأكد جمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين في ملتمسها ” بخصوص الصيغة المعدّلة للنظام الأساسي للعاملين بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، الذي تمت إحالته على وزارة الاقتصاد والمالية قصد التأشير عليه، دون إشراك الجمعية في بلورتها أو استشارتها بشأن مضامينها، رغم صفتها التمثيلية الوحيدة والقانونية والمهنية الراسخة لكافة مهندسي المياه والغابات منذ تأسيسها سنة 1972.”

 

وتسجل الجمعية في نفس المراسلة “تغييبها المتعمد عن مختلف مراحل التشاور، في الوقت الذي تم فيه اعتماد أطراف نقابية للتمثيل والحوار”، رغم أن المهندسين الغابويين “لا يحق لهم قانوناً ممارسة العمل النقابي أو الانخراط في المنظمات النقابية، باعتبارهم أطرًا نظامية حاملة للسلاح ومكلّفة بمهام الشرطة الغابوية ذات الطابع القضائي”.

وترى الجمعية أنّ هذا “الإقصاء التام من المشاورات يطرح إشكالات جوهرية تتعلق بشرعية مسار الإعداد والملاءمة القانونية للنظام المرتقب”، وتعتبره إخلالاً بمبدأ المقاربة التشاركية.

 

وتطالب الجمعية بوضوح بـ”وقف مسطرة التأشير على مشروع النظام الأساسي للوكالة إلى حين تمكين الجمعية من الاطلاع على الصيغة المعدلة وتقديم ملاحظاتها ومقترحاتها التكميلية”، مع “التأكيد على إلزامية احترام مبدأ التمثيلية الحقيقية للمهندسين الغابويين عبر إشراك جمعيتهم”. كما تدعو إلى “التنصيص في النظام الأساسي المعدل على الصفة القانونية الخاصة للمهندس الغابوي كإطار يجمع بين المهام التقنية والمسؤوليات الأمنية والضبطية”.

 

الجمعية حذّرت أيضا من تداعيات اعتماد النظام الحالي دون إشراكها، معتبرة أن ذلك “سيشكل سابقة خطيرة تضعف من حضور الدولة في مجال حماية النظم البيئية الوطنية”، وقد يؤدي إلى “اختلال مؤسسي يُفقد الدولة أحد أهم أدواتها في الحفاظ على أمنها البيئي”.

أما المراسلة الثانية، رقم 41/ج خ م و غ م / 2025، فتركز على الوضعية المالية العالقة، خاصة المنح المتأخرة منذ سنوات. وترى الجمعية “بشأن الوضعية المالية العالقة لفئة المهندسين الغابويين. فلا تزال منح التشجير والاستغلال الغابوي عالقة لفائدة كافة هذه الفئة منذ عام 2022، بالإضافة إلى عدم توصل المهندسين العائدين إلى وزارة الفلاحة… بالمنحة السنوية الخاصة بشهر يونيو 2025.”

 

وتشير الجمعية إلى أن هذا الوضع “يؤثر سلبا على الاستقرار المالي والاجتماعي للمعنيين”، معتبرة أن التأخير “يتعارض مع مبادئ الحكامة الرشيدة، التي تفرض الالتزام بحقوق الموظفين وضمان استمرارية مكتسباتهم المالية”.

وتلتمس الجمعية من الوزير: “تسوية المنح العالقة، خصوصًا منح التشجير والاستغلال الغابوي منذ عام 2022″، و”صرف المنحة السنوية لشهر يونيو 2025 لكافة المهندسين الغابويين العائدين إلى وزارة الفلاحة”، إضافة إلى “إصدار التعليمات اللازمة لتسريع مساطر التصفية المالية”.

المراسلة الثالثة تتعلق بملف الإلحاق، وتسلط الضوء على وضعية المهندسين الذين تم نقلهم بشكل تلقائي إلى الوكالة الوطنية للمياه والغابات بموجب القانون 52.20. وجاء فيها: “عملاً بمقتضيات القانون رقم 52.20… ترتب عنه إلحاق تلقائي لمجموعة من المهندسين الغابويين… دون أن يكون ذلك ناتجًا عن طلب أو رغبة شخصية من المعنيين بالأمر”.

وتطلب الجمعية تسوية هذه الوضعيات، وتدعو الوزير إلى “التعجيل بإعطاء التعليمات اللازمة لإنهاء الإلحاق التلقائي لباقي المهندسين الغابويين الراغبين في الرجوع إلى إطارهم الأصلي”. كما تشير الجمعية إلى أن قرارات الإنهاء الأخيرة “شملت فقط مهندسين غابويين اثنين، في حين استفادت فئات أخرى بأعداد أكبر، مما ولد شعورًا بعدم المساواة”.

وتعبر الجمعية عن قلقها من التعيينات الجديدة التي وصفتها بأنها “شملت في بعض الحالات مناطق عمل بعيدة عن المقرات الأصلية… مما سبب صعوبات اجتماعية وأسرية ملحوظة”، مؤكدة أن معالجة هذه الوضعيات تستدعي “مرونة إدارية تراعي مبدأي العدالة والاستقرار الاجتماعي”.

وتعكس هذه المراسلات الثلاث تبين حجم التوتر القائم داخل القطاع الغابوي، وتبرز الحاجة إلى إعادة تقييم طريقة تدبير الموارد البشرية داخل الوكالة الوطنية للمياه والغابات، سواء على مستوى التشاور حول النصوص التنظيمية، أو تدبير الانتقالات الإدارية، أو الحفاظ على الحقوق المالية.

وتدعو الجمعية في جميع مراسلاتها على أن معالجة هذه الملفات برؤية تشاركية سيُعيد الثقة إلى مهندسي المياه والغابات، ويضمن استمرار أدائهم لدورهم الحيوي في حماية الغابة المغربية وتعزيز الأمن البيئي للمملكة.

Exit mobile version