العربية.ما alaarabiya.ma

بعد تصريحاته المسيئة بحق المغرب.. قناة “RMC” الفرنسية تُنهي تعاونها مع الإعلامي الجزائري مهدي غزار

حدود حرية التعبير وأخلاقيات الإعلام؟

alt=
العربية.ما - حجاج العربي

في تطور لافت يعكس التزام المؤسسات الإعلامية الدولية بالمعايير المهنية والأخلاقية، أعلنت إدارة قناة وإذاعة “RMC” الفرنسية عن إنهاء تعاونها مع الصحفي الجزائري مهدي غزار، وذلك بعد تصريحاته المثيرة للجدل التي أدلى بها خلال استضافته على قناة الجزائر الدولية، والتي تضمنت إساءات صريحة ومغرضة تجاه المملكة المغربية وشعبها.

 التصريحات المثيرة للجدل

أثار مهدي غزار موجة من الغضب والاستنكار في الأوساط الإعلامية والشعبية عقب تصريحاته التي وصف فيها المغرب بعبارات تحمل في طياتها إهانة كبيرة للشعب بأكمله. حيث ادعى أن “كل شيء يمكن شراؤه في المغرب، من المخدرات إلى النساء والأطفال”، وذهب إلى حد التشكيك في الهوية الدينية للمغرب، مشبهاً إياه بـ”تايلاند إفريقيا” في إشارة إلى العلاقات الجنسية.

هذه التصريحات لم تكن مجرد خروج عن النص الأخلاقي الذي يجب أن يلتزم به أي صحفي يحترم مهنته، بل كانت تعبيراً عن خطاب مليء بالتحريض والكراهية، يهدف إلى تشويه صورة المغرب على المستوى الدولي، ويخدم أجندات سياسية ضيقة لا تليق بالإعلام.

 الرد على الادعاءات: المغرب بين الحقيقة والتضليل

ما أدلى به مهدي غزار لا يعدو كونه انعكاسًا لمحاولات مستمرة من قبل بعض الأصوات للتأثير على العلاقات بين الدولتين الجارتين عبر نشر الأكاذيب وترويج الافتراءات. لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن المغرب، بتاريخ عريق يمتد لقرون، هو بلد ذو هوية ثقافية ودينية راسخة، يحظى باحترام وتقدير واسع على المستوى الدولي بفضل استقراره الاجتماعي والسياسي، ودوره المحوري في تعزيز السلم والتعاون الإقليمي.

كما أن التشكيك في إسلامية المغرب هو تجاهل صارخ للحقائق، فالمملكة المغربية تُعتبر منارة إسلامية تاريخية، وكانت ولا تزال تحتضن إحدى أقدم الجامعات الإسلامية في العالم، جامعة القرويين، التي كانت وما زالت مركزًا للعلم والمعرفة الإسلامية.

أما فيما يخص المزاعم المتعلقة بالدعارة والمخدرات، فهي ليست سوى محاولات رخيصة لتشويه صورة بلد كامل، وهي اتهامات يمكن توجيهها لأي دولة إذا ما تم انتقاء الأحداث بشكل مغرض، بعيدًا عن السياق العام. وفي الواقع، فإن المغرب يبذل جهودًا حثيثة على المستوى المحلي والدولي لمحاربة الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة، ويعمل بشكل فعال على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

 حرية التعبير وحدودها

لا شك أن حرية التعبير تشكل حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، لكنها ليست حقًا مطلقًا، بل تأتي معها مسؤولية أخلاقية واجتماعية. فحرية التعبير يجب أن تُمارس في إطار من الاحترام المتبادل وعدم التعدي على حقوق الآخرين. وعندما تتحول هذه الحرية إلى أداة للتحريض والكراهية، فإنها تفقد جوهرها وتتحول إلى إساءة استغلال لهذا الحق.

وفي هذا السياق، يأتي قرار قناة “RMC” بإنهاء التعاون مع غزار ليؤكد على أهمية التزام الإعلاميين بأخلاقيات المهنة، والابتعاد عن الخطاب الذي يغذي العداوات ويعزز الانقسامات. فالإعلام له دور محوري في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتعزيز التفاهم المتبادل، وليس في هدم هذه الجسور عبر نشر الكراهية والتحريض.

 الإعلام وأخلاقيات المهنة

يجب أن يكون الإعلام ساحة للنقاش الحر والبناء، وللتعبير عن مختلف الآراء بشكل مسؤول ومتوازن. وما حدث مع غزار هو تذكير بأن المؤسسات الإعلامية الرصينة لن تتساهل مع أي تجاوزات تسيء إلى سمعتها أوتعكر صفو العلاقات بين الشعوب. فالصحافة ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة تحمل في طياتها مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع والإنسانية جمعاء.

وفي النهاية، تبقى العلاقات بين الشعوب والدول قائمة على الاحترام المتبادل والفهم المشترك. والمغرب، بتاريخه وثقافته وشعبه، لن يتأثر بتصريحات فردية غير مسؤولة، بل سيظل راسخًا في مكانته كبلد يسعى دائمًا إلى تعزيز السلم والتعاون، ويحترم حقوق الآخرين، متسلحًا بثقافة غنية ومتنوعة، ورؤية مستقبلية تستند إلى الحكمة والتسامح.

المصدرالعربية.ما
Exit mobile version