بوجدور: الأمن في مواجهة التحديات ومشكلة التربية العائلية في دائرة النقاش

بوجدور: الأمن في مواجهة التحديات ومشكلة التربية العائلية في دائرة النقاش
العربية.ما - الرباط

لا يزال سكان مدينة بوجدور يشهدون تصاعدًا في الظواهر الإجرامية التي تهدد أمنهم واستقرارهم، رغم جهود الأجهزة الأمنية التي تُبذل على مدار الساعة للتصدي لهذه الجرائم وضمان حماية المواطنين. ومع ذلك، يبدو أن المشكلة أعمق من أن تُختزل في الدور الأمني، حيث تظهر دلائل متزايدة على ارتباط هذه الظواهر بضعف التربية وانشغال الوالدين عن أداء دورهم الأساسي في تأطير الأبناء.

لا يمكن إنكار أن مصالح الأمن في بوجدور تقوم بواجبها على أكمل وجه، سواء من خلال التدخل السريع أو تعزيز الدوريات في المناطق الأكثر عرضة للجرائم. لكن تحميل الجهات الأمنية وحدها المسؤولية الكاملة عمّا يحدث قد يغفل الجوانب الأخرى التي تُسهم بشكل كبير في انتشار هذه الظواهر، ومنها غياب الرقابة الأسرية وضعف التأطير التربوي.

فعندما يستغل بعض الشباب أوقات صلاة الفجر، حيث تقل الحركة في الشوارع، أو منتصف الليل للقيام باعتداءات بالسلاح الأبيض أو التورط في أعمال إجرامية، يتضح أن المشكلة تتجاوز الأبعاد الأمنية لتصل إلى جذورها التربوية. الأسرة، التي تُعتبر اللبنة الأولى في بناء قيم الأخلاق والانضباط، أصبحت في حالات عديدة منشغلة عن دورها الأساسي، سواء بسبب الضغوط اليومية أو ضعف إدراكها لمسؤولياتها التربوية. هذا الغياب يخلق فجوة تُتيح للناشئة السقوط في سلوكيات منحرفة، وسط غياب التأطير المجتمعي الفعّال.

فالمؤسسات التعليمية والجمعيات المحلية في بوجدور تتحمل أيضًا جزءًا من المسؤولية، حيث يُفترض أن تلعب دورًا أكبر في توعية الناشئة وتحفيزهم على تبني قيم إيجابية. إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك برامج تثقيفية تُشرك الآباء والأمهات في دورات تدريبية تهدف إلى تعزيز مهارات التربية والتواصل مع الأبناء.

إن التحديات التي تواجه بوجدور ليست مقتصرة على الأمن، بل تحتاج إلى مقاربة شاملة تجمع بين الأجهزة الأمنية، الأسرة، المجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية. الأمن يبذل جهودًا مشهودة، لكن الحل الحقيقي يكمن في بناء جيل واعٍ، يمتلك القيم والأخلاق، وقادر على مواجهة ضغوط الحياة بعيدًا عن السلوكيات المنحرفة.

فمدينة التحدي كانت وستظل نموذجًا للأمان والسكينة، لكن استعادة هذا النموذج يتطلب وعيًا جماعيًا بمسؤولية الجميع في بناء مجتمع آمن ومستقر. الأمن لا يمكنه وحده أن يُصلح ما أفسدته اختلالات اجتماعية وتربوية عميقة.

Exit mobile version