العربية.ما alaarabiya.ma

تبون يتحدث عن “الاقتصاد العالمي” أوعندما يصبح الخيال أكبر من الواقع!

alt=
العربية.ما - حجاج العربي

أثار حديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الاقتصاد موجة كبيرة من الانتقادات والسخرية في الداخل والخارج. بعدما أطلق في إحدى تجمعاته الانتخابية في وهران تصريحاً اعتبر فيه أن اقتصاد الجزائر يحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم. هذا الادعاء، الذي يتناقض بشكل صارخ مع الوضع الاقتصادي الفعلي في البلاد، ويطرح تساؤلات كبيرة حول مدى دقة وفهم الرئيس للواقع الاقتصادي؟.

ويأتي هذا التصريح في سياق حملة انتخابية تتسم بالدعاية المكثفة والترويج لـ”الإنجازات”، بينما يعاني المواطنون الجزائريون من ظروف معيشية صعبة، دفعتهم للخروج إلى الشوارع احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية. تصريح تبون حول المرتبة الثالثة للاقتصاد الجزائري وضعه في موضع سخرية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى الكثيرون أن هذه الأرقام تعكس أكثر ما تعكس الخيال البعيد عن الواقع.

للتوضيح، يعد تصريح تبون بمثابة تذكير بخطاب سابق له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعلن أن الجزائر ستصل إلى إنتاج مليار و300 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة يومياً، بينما يبلغ الإنتاج العالمي في الواقع 95 مليون متر مكعب فقط. وهذه الفجوة الكبيرة بين الأرقام المعلنة والواقع الفعلي تظهر مشكلة واضحة في مصداقية التصريحات الرسمية.

وتستمر الانتقادات بتأكيد أن تبون يعاني من مشكلة في ضبط الأرقام الاقتصادية، وأنه يطلق التصريحات دون تفكير كافٍ في تبعاتها. حيث أظهرت البيانات الاقتصادية الموثوقة، من مصادر مثل المصرف الدولي وصندوق النقد الدولي، أن الاقتصاد الجزائري لا يزال متخلفاً عن أنظمة الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.

وعلى الرغم من محاولة تبون التركيز على قضايا الاقتصاد باعتبارها الشغل الشاغل للمواطنين، فإن الواقع يشير إلى أن الأمور ليست كما يُروج لها. فالتحديات الاقتصادية التي يواجهها الشعب الجزائري، من ارتفاع معدلات التضخم وتدهور القدرة الشرائية إلى نقص فرص العمل، لا تعكسها التصريحات الوردية للرئيس.

كما أنه في بداية حملته الانتخابية، وعد تبون بمواصلة تنفيذ تعهداته السابقة من حملة 2019، التي شملت تحسين الأداء الاقتصادي وإطلاق مشاريع جديدة لخلق فرص عمل. وتعهد بإحداث توازن في التنمية بين المناطق وتشييد مليوني وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى رفع الأجور بنسبة 100% بحلول 2027. لكن البيانات الاقتصادية الأخيرة تشير إلى تراجع في النمو الاقتصادي، حيث توقعت شركة بي إم آي للأبحاث أن ينخفض النمو الحقيقي للاقتصاد الجزائري إلى 2.6% في 2024 من 3.6% في 2023، مع استمرار التباطؤ ليصل إلى 1.8% في 2025. ويعزى هذا التباطؤ إلى انخفاض حاد في إنتاج النفط والغاز، ما يجعل الجزائر تعتمد بشكل كبير على أسعار المواد الهيدروكربونية. وتشير التوقعات إلى اتساع عجز الميزانية إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنة بـ9.8% في 2023، نتيجة للإنفاق الحكومي الكبير في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز. ورغم التوقعات بتباطؤ التضخم إلى 4.8% في المتوسط هذا العام، فإن انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي يشكل تهديداً مستقبلياً لتمويل الاقتصاد.

بالمجمل، يعكس الوضع الحالي في الجزائر تبايناً كبيراً بين التصريحات الرسمية والواقع الاقتصادي، مما يثير تساؤلات حول مدى مصداقية الخطاب الرسمي ومدى تأثيره على الأوضاع المعيشية للشعب؟.

المصدرالعربية.ما
Exit mobile version