ترامب يعود للواجهة: كيف يمكن لرئاسته القادمة إنهاء نزاع الصحراء المغربية؟

13 سبتمبر 2024
ترامب يعود للواجهة: كيف يمكن لرئاسته القادمة إنهاء نزاع الصحراء المغربية؟
العربية.ما - العربي حجاج

في السياسة الدولية، تعود بعض النزاعات إلى الواجهة مرة تلو الأخرى، لكنها تظل عالقة في تعقيدات دبلوماسية، ثقافية واقتصادية طويلة الأمد.

أحد هذه النزاعات هو نزاع الصحراء المغربية، الذي يستمر لعقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. بيد أن مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، جورج غيدو لومباردي، أطلق تصريحاً مثيراً للاهتمام عندما قال إن وصول المرشح الجمهوري لرئاسة البيت الأبيض قد يكون الحل المنتظر لإنهاء هذا النزاع الذي أرهق المنطقة.

ترامب والمغرب: علاقة تاريخية واستراتيجية

لفهم التصريح الذي أطلقه لومباردي، يجب أولاً أن نفهم عمق العلاقة التي تجمع ترامب بالمغرب. في السنوات التي قضاها في الرئاسة، أظهر ترامب اهتمامًا خاصًا بالمغرب، إذ وصفه بأنه “صديق تاريخي” للولايات المتحدة. هذه العلاقة ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى عقود من التعاون العسكري، الأمني، والاقتصادي بين البلدين، ما ساهم في توطيد علاقات استراتيجية بين الرباط وواشنطن.

لكن، لماذا يصف ترامب المغرب بهذا الوصف تحديداً؟ يرجع ذلك إلى تشابه التوجهات السياسية والاقتصادية بين الرئيس السابق وملك المغرب محمد السادس، إذ يسعى كلا الزعيمين إلى تحقيق الرخاء لشعبيهما من خلال الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات. خلال فترة رئاسته، قرر ترامب دعم المغرب بشكل علني في نزاع الصحراء من خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الإقليم، وهو ما مثّل خطوة غير مسبوقة في تاريخ النزاع وأثار حفيظة الجزائر وجبهة البوليساريو.

 السياسة الخارجية للولايات المتحدة: الجزائر وتونس على الهامش؟

بناءً على تصريحات لومباردي، قد يكون هناك تحول ملحوظ في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المغرب العربي في حال عودة ترامب إلى السلطة. في حين أن الجزائر وتونس تُعتبران حليفتين تقليديتين لفرنسا، إلا أن ترامب قد يكون أكثر ميلاً إلى تعزيز العلاقات مع المغرب. من هنا، يظهر سؤال مهم: لماذا ترامب قد يتجاهل الجزائر وتونس؟ 

تشير التحليلات إلى أن الرئيس السابق يرى في الجزائر وتونس دولتين غير قادرتين على تقديم مساهمات استراتيجية قوية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مقارنة بالمغرب الذي يلعب دورًا محورياً في الاستقرار الإقليمي والتعاون الأمني، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

 نحو حل نهائي للنزاع؟

ما يميز هذه المرحلة المحتملة من السياسة الخارجية لترامب هو رغبة واضحة في دفع الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات. لكن، ماذا يعني ذلك بالنسبة للنظام الجزائري وجبهة البوليساريو؟ وفقًا للومباردي، فإن الرئيس السابق سيستخدم نفوذه الكبير لإجبار هذه الأطراف على التفاوض مرة أخرى، وذلك بعد فشل محاولات سابقة بسبب تصلب مواقف البوليساريو والدعم السياسي والعسكري الذي تتلقاه من الجزائر.

ويتوقع المحللون أن تعود واشنطن بقيادة ترامب إلى استراتيجيات الضغط الاقتصادي والسياسي على الجزائر لإجبارها على تقديم تنازلات حقيقية، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. ترامب، الذي يُعرف بسياسته الخارجية “الموجهة بالصفقات”، قد يستفيد من تقديم ضمانات اقتصادية للجزائر مقابل تخفيف موقفها تجاه المغرب.

التحديات أمام تدخل ترامب

على الرغم من أن لومباردي يُظهر تفاؤلًا كبيرًا بشأن إمكانية إنهاء النزاع، إلا أن الطريق إلى الحل ليس خاليًا من العقبات. 

أولاً، النظام الجزائري يتمسك بموقفه القوي تجاه قضية الصحراء، ويعتبرها مسألة سيادة وطنية. من هذا المنطلق، قد يكون من الصعب إقناع الجزائر بتقديم تنازلات جوهرية دون مقابل ملموس.

ثانيًا، هناك العديد من العوامل الدولية الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار، مثل دور فرنسا في المنطقة. فرنسا، التي تعتبر الجزائر وتونس من شركائها التقليديين، قد ترى في أي تحرك أمريكي لتهميش الجزائر تهديدًا لمصالحها في المنطقة. لذا، يمكن أن تلعب باريس دوراً معرقلاً لأي محاولات أمريكية لحل النزاع.

ما الذي سيكسبه المغرب؟

وفي حال نجاح ترامب في تحقيق اختراق دبلوماسي يؤدي إلى حل النزاع، فإن المغرب سيكون الفائز الأكبر بلا شك. فحل النزاع يعني أن المغرب سيستطيع التركيز على تطوير الإقليم واستغلال ثرواته الطبيعية، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والصيد البحري، دون أي عقبات دولية. إضافة إلى ذلك، سيساهم الحل في تعزيز مكانة المغرب الإقليمية والدولية كدولة مستقرة وقادرة على لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية الأخرى.

كما أن تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة يمكن أن يفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الأمريكية في المغرب، خاصة في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا. وهذا بدوره قد يسهم في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ورفع مستوى المعيشة للمغاربة.

هل يمكن لترامب أن يكون الحل؟

بينما يمكن لتصريحات مستشار ترامب أن تثير الأمل بين المغاربة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الوعود ستتحقق بالفعل. فالطريق إلى حل النزاع يتطلب أكثر من مجرد ضغوط أمريكية، بل يحتاج إلى توافق إقليمي ودولي. ومع ذلك، إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فقد نشهد تحولاً جذريًا في السياسة الأمريكية تجاه المغرب العربي، وهو ما قد يجعل من الصحراء المغربية قضية قابلة للحل أخيرًا بعد عقود من النزاع.

المصدر العربية.ما
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.