تواجه الانتخابات الرئاسية التونسية المزمع عقدها قريبًا تحديات كبيرة، بعد اتهامات بتزوير التزكيات والتي طالت أحد المرشحين الثلاثة المقبولين رسميًا لخوض السباق. يأتي ذلك في وقت تشدد فيه هيئة الانتخابات على أهمية نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، وسط مراقبة محلية ودولية دقيقة.
وفي هذا الشأن، أعلنت النيابة العمومية التونسية، يوم الاثنين 19 غشت/اغسطس 2024، احتفاظها بأمينة مال حركة “عازمون” لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد، للاشتباه في تورطها في تزوير التزكيات الخاصة بالمرشح للانتخابات الرئاسية، العياشي الزمال. ويُذكر أن هذا الأخير هو أحد ثلاثة مرشحين قُبلت ملفاتهم، إلى جانب الرئيس الحالي قيس سعيد، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، بينما رُفضت باقي ملفات المتقدمين لعدم استيفائهم للشروط المطلوبة.
تأكيدات على التزوير ومخاوف من التبعات القانونية
بدأت التحقيقات في صحة التزكيات بعد تقديم مواطنين شكاوى تفيد بأنهم فوجئوا بإدراج أسمائهم ضمن قائمة تزكيات الزمال دون علمهم أوموافقتهم. وفي حال ثبوت التزوير، يمكن أن تؤدي هذه الاتهامات إلى طعن قضائي في ترشح الزمال، ما قد يسفر عن سحب ترشيحه وتبعات قانونية تصل إلى السجن والحرمان من الترشح مدى الحياة.
وتُذكر هذه القضية بملفات مشابهة طالت مرشحين محتملين سابقًا. حيث سبق وأن حُكم على كريم الغربي، صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، بأربع سنوات سجن وغرامة مالية، إضافة إلى منعه من الترشح مدى الحياة، بتهمة تزوير التزكيات. كذلك، أصدرت محكمة تونسية في الشهر الجاري أحكامًا بالسجن لمدة ثمانية أشهر بحق أربعة مرشحين محتملين آخرين ومنعهم من الترشح مدى الحياة بتهمة “شراء تزكيات”.
انتقادات ومخاوف من تسييس القضاء
هذه القضايا أثارت موجة من الانتقادات من قبل بعض السياسيين ومنظمات حقوقية، الذين يرون في هذه الأحكام استهدافًا سياسيًا لإقصاء منافسين جديين للرئيس قيس سعيد. على سبيل المثال، صدر حكم بسجن المرشحة المحتملة ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي لمدة سنتين، ما منعها رسميًا من دخول السباق الرئاسي بعد يومين فقط من تقديم ملفها.
من جانبه، قرر رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، لطفي المرايحي، الطعن في الحكم الابتدائي الصادر بحقه بالسجن والحرمان من الترشح مدى الحياة، على خلفية اتهامات مشابهة تتعلق بالانتخابات الرئاسية لسنة 2019.
أفق الانتخابات وسط التحديات
وفي ظل هذه التطورات، يواجه الرئيس قيس سعيد، المرشح بقوة للفوز بولاية ثانية، انتقادات شديدة من قبل منظمات حقوقية بسبب حملة الإيقافات التي استهدفت سياسيين معارضين بتهم التآمر على أمن الدولة وملفات فساد، وهي تهم تصفها المعارضة بأنها “ملفقة” وتهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين.
وتعتزم هيئة الانتخابات الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين بعد انقضاء آجال التقاضي والطعون، بحلول 3 سبتمبر/أيلول المقبل، وفقًا للرزنامة الانتخابية. ومع اقتراب موعد الانتخابات، تبقى الأنظار متجهة نحو ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، وما إذا كانت هذه الاتهامات ستؤثر على نزاهة وشرعية السباق الرئاسي في تونس.