تتساءل الساكنة المحلية بمدينة تيفلت وجماعة آيت بلقاسم عن دور اللجنة الإقليمية المكلفة لتتبع المقالع، وعن التقارير التي تقوم بكتابتها ورفعها للجهات المعنية وعن أسماء تلك المقالع التي لا تحترم القوانين بصفة رسمية؟. وما هي الإجراءات التي اتخذت ضدها؟ وهل هذه اللجنة الإقليمية تقوم بالمراقبة المستمرة عبر الوسائل المتاحة قانونيا، أم أنها تقوم بزيارات فقط من أجل الزيارة وهلم جرى…؟!.
وتجددت تساؤلات الساكنة المتضررة خاصة بعد حادثة السير المميتة التي وقعت مساء يوم أمس، الإثنين 10 نونبر 2025، على مشارف مدينة تيفلت في اتجاه جماعة آيت بلقاسم التابعة لعمالة الخميسات، والتي نشرنا خبرها في حين وقوعها.
كما تتساءل الساكنة المحلية عن دور مقالع الرخام ومواد البناء، في دعم التنمية المستدامة بالمنطقة وعدم تخريب الطريق وتدهورها، بحكم التنقل اليومي، نهارا وليلا، للشاحنات الكبرى المحملة بأطنان من مواد البناء (الرخام، توفنة، كياص، رمال…)؟. وما مدى عودة “خيرات” هذه المقالع، التي تقدر بملايين الدراهم، على ازدهار الساكنة والعيش الكريم، وليس المساهمة في تخريب البيئة وصحة المواطنين وتردي الطرقات، كما هو الحال حاليا، مع الطريق الرئيسية الرابطة ما بين مركز جماعة آيت بلقاسم وجماعة مولاي إدريس أغبال (الطريق الإقليمية رقم 4306)، التي تم تعبيدها وإصلاحها، منذ حوالي أربعة سنوات، لكنها الآن توجد في حالة خطيرة ومتردية، وكانت موضوع رفع ملتمس إلى عامل إقليم الخميسات عبد اللطيف النحلي، من طرف المكتب المسير لجماعة أيت بلقاسم، بغرض التدخل لاصلاحها.
وكشفت مصادر مختلفة، في تصريحات للجريدة الإلكترونية “العربية.ما”، أن أربعة مقالع بتراب جماعة آيت بلقاسم، تدر الملايين بين ساعة وأخرى ونهارا وليلا، حيث أن خروج ما يعادل 300 شاحنة من تلك المقالع على مدار 24 ساعة بمبلغ تقريبي لحمولة كل شاحنة -كمثال 2000 درهم-، سيكون المجموع 500 مليون سنتيم يوميا، وهو مبلغ ضخم، لايعود بالنفع لا على البشر ولا على الحيوان ولا على الطرقات التي تدهورت وتآكلت والتي أصبحت تشكل بعض النقط فيها، “أماكن للموت”. وهو الأمر، الذي لم يعد مقبولا، بمنطقة تزخر بالثروة الأرضية، لكنها تساهم في التلوث البيئي والأمراض للصغار والكبار، ولتلاميذ المدارس المجاورة لتلك المقالع، حسب المصادر.
تقرير برلماني “أسود” عن مقالع الرمال والرخام: الفوضى والريع والعشوائية
من جانب أخر، سبق وأن نبه تقرير برلماني إلى جملة من الأضرار التي تلحقها مقالع الرمال والرخام بجيرانها، من قبيل التلوث والأمراض المزمنة والإضرار بالمياه الجوفية، ما دفع عدد منهم إلى التفكير في الهجرة. وأحصى تقرير المهمة الاستطلاعية حول مقال الرمال والرخام، المنبثقة عن لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، مجموعة من الأضرار التي تلحق المقالع بالسكان.
وتتمثل المخاطر الصحية التي تتسبب في ظهورها مشاريع المقالع، بحسب التقرير، في تلوث الهواء وتكاثر الجزيئات الصغيرة العالقة فيه، وتلوث الفرشات المائية، والإزعاجات الصوتية والضوضاء..
وسجل تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة خلال سنة 2024، حول مقالع الرمال والرخام الذي أنجزه مجلس النواب، أن المقالع تعاني من الفوضى والريع والعشوائية والتهرب من الأداء وعدم تمكين الدولة من حقوقها المالية.
وتوقف التقرير على عدم التزام مستغلي المقالع بأداء مستحقات الجماعات، حيث الباقي استخلاصه يتزايد بشكل سنوي في العديد من الجماعات، والذي يتجاوز 5 مليون درهم في جماعات صغری، مما يتعين معه تحديد الباقي استخلاصه على المستوى الوطني ككل والتوجه نحو العمل على استخلاصه.
وأكد برلمانيو المهمة الاستطلاعية ارتباط موضوع المقالع باقتصاد الريع، وهو ما يتطلب تعزيز المنظومة الشاملة للحكامة من شفافية ومنافسة حرة ونزيهة، والوضوح والسلاسة في كل الإجراءات المرتبطة بالقطاع.
وأشار التقرير إلى المبالغ المالية الطائلة التي يفقدها المغرب من المقالع، فمتوسط رقم المعاملات لكل مقلع يبلغ 500 مليون درهم، والوضع الراهن بالنسبة للمداخيل المالية من المفروض أن يصل إلى 900 مليون درهم، إلا أن أكبر مستوى تم الوصول إليه هو 130 مليون درهم سنة 2014 و71 مليون درهم سنة 2013، مما يبين حجم الأموال المهدورة.
ولفت التقرير، إلى أن المداخيل جد ضعيفة سواء للدولة أوللجماعات، في ظل إشكال المراقبة، فضلا عن كثرة المقالع العشوائية وصعوبة ضبط الكميات المستخرجة ووجود إشكالات قانونية كبيرة في القطاع.
وأكد التقرير تنامي ظاهرة المقالع العشوائية ونهب رمال الكثبان الساحلية والرمال الشاطئية، وعدم نجاعة المراقبة، والانعكاسات السلبية للمقالع على الساكنة المجاورة والبيئة الطبيعية والبنيات التحتية، في حين أن العائدات المالية للدولة جد ضعيفة.
ونبه التقرير إلى أن قطاع المقالع يجمع بين مقاولات تشكل نموذجا خطيرا للريع كما هو الحال بساحل أولاد صخار بالعرائش، حيث تستغل رمال الساحل نفس الجهة منذ سنة (1993)، ومقاولات أخرى تحتاج إلى تدخل الدولة من أجل إنقاذها من الإفلاس، مع عدم ظهور تأثير المقالع على التنمية بالإقليم. وانتقد النواب جرف الرمال من البحر لأغراض الاستغلال، رغم المخاطر البيئية والإضرار بالثروة السمكية، ورغم تنبيهات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري.
ومن جملة الاختلالات بالمقالع، التي رصدها التقرير، صعوبة تحديد الكميات المستخرجة وكذا تتبع وضبط المخالفات، إضافة إلى إشكالية المقالع المهجورة، نظرا لأن أغلب المستثمرين لا يرجعون الحال إلى ما كان عليه قبل. فضلا عن الاختلالات المرتبطة بحقوق وسلامة العمال.
وشدد التقرير على ضرورة احترام مسطرة استغلال المقالع، وضبط الرخص الممنوحة، وضبط المسؤولية وربطها بالمحاسبة، وضبط الحقوق البيئية في ظل ما ينتج عن المقالع من تلوث الهواء الناتج عن تطاير الغبار والضوضاء الناتج عن المعدات والآليات، والتأثيرات السلبية على النشاط الزراعي وعلى الحياة البرية المهددة بالانقراض والمواقع المحمية.
وسجل ذات التقرير أن المقالع تعاني من الفوضى والريع والعشوائية والتهرب من الأداء وعدم تمكين الدولة من حقوقها المالية، ناهيك عن تواطؤ أصحاب المقالع مع رؤساء الجماعات مما يضر بالمصلحة العامة.
وتبعا لما سلف ذكره، هل تقوم اللجنة الإقليمية لتتبع المقالع بإقليم الخميسات قاطبة، وبمنطقة دائرة تيفلت خاصة، بدورها الأساسي اللازم عليها، دون محاباة لأي كان ومهما كان وكيفما يكون؟!.
