افتتحت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف في القنيطرة، يوم الاثنين، جلساتها للنظر في قضية تعد من أكبر ملفات الفساد والرشوة التي تمت إحالتها مباشرة من قبل الوكيل العام للمحكمة، بعد انتهاء التحقيقات التي أشرفت عليها النيابة العامة في ملف تورط فيه خمسة مستشارين جماعيين. وتمت متابعة هؤلاء المستشارين، في إطار القانون الجنائي، بناءً على الأفعال التي ارتكبوها قبل الإعلان عن الانتخابات الجزئية لرئاسة مجلس جماعة القنيطرة، والتي أُعلن عنها بعد عزل الرئيس السابق.
وبحسب مصادر جريدة “الصباح”، فقد جرت عملية إلقاء القبض على المتهمين الخمسة في حالة تلبس، إثر تحقيقات أشرف عليها الوكيل العام لاستئنافية القنيطرة شخصياً، وذلك بعد إحالة الملف إليه من قبل رئاسة النيابة العامة التي تلقت شكاية من إحدى المستشارات التي كانت ضحية لمحاولة استمالة من قبل محمد تلموست، المرشح المحتمل لرئاسة الجماعة. وأفادت الشاكية بتعرضها لمساومات من المتهم الرئيسي، حيث قامت إحدى المستشارات بدور الوساطة لترتيب لقاء بينهما.
وتكشف المصادر ذاتها أن العملية بدأت عندما نسق الوكيل العام مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي كلفت بالتحقيق في سرية تامة. وأفضت هذه التحقيقات إلى اعتقال المتهم الرئيسي مع مستشار آخر وثلاث مستشارات، بعد أن أُحكمت خطة لاستمالتهم واستدراجهم في إطار جولة سياحية شملت الصويرة وأكادير ومراكش. وقد جرى احتجاز المستشارات لأكثر من أسبوعين قبل أن يستقروا في شقة يمتلكها المتهم الرئيسي بالقنيطرة، والتي تمت مداهمتها من قبل الفرقة الوطنية، بعد تنسيق مع المُبلغة وضرب موعد مع تالموست.
وأوضحت المصادر أن القصة بدأت عندما اتصلت إحدى المستشارات بالمُبلغة، محاولةً إقناعها بلقاء تلموست في أحد مقاهي المهدية. وتمت محاولات استمالتها عبر استغلال وضعية زوجها المعتقل، مقدمة وعوداً بمساعدتها من خلال “الرئيس المفترض” للإفراج عنه، إضافة إلى وعد بمبلغ مالي قدره 12 مليون سنتيم.
وتم ضبط المتهم الرئيسي متلبساً بتقديم مبلغ 2000 درهم كعربون، وطُلب من المُبلغة أن تحضر معها ملابس استعداداً للانضمام إلى “المعتقل الانتخابي”. وقامت الفرقة الوطنية بتسجيل المكالمات بين المتهم الرئيسي والمُبلغة، والتي أكد فيها استعداده لدفع مبلغ 12 مليون سنتيم، وضرب معها موعداً الخميس الماضي للقاء داخل الشقة.
وحضرت المُبلغة رفقة والدتها إلى الشقة، حيث غادرت الوالدة بعد تسليم المبلغ المتفق عليه، بينما ظلت المُبلغة بداخل الشقة، ليتم في تلك اللحظة مداهمتها من قبل الفرقة الوطنية، حيث وُجدت المستشارات الثلاث بداخل الشقة، كما تم العثور على بطاقة تعريف تخص المتهم الرابع.
وخلال عملية التفتيش، ضبطت الفرقة الوطنية مبلغ 18 مليون سنتيم إضافية من أصل 30 مليوناً سحبها المتهم الرئيسي من البنك في اليوم نفسه. وبعد انتهاء التحقيقات، تمت إحالة المتهمين على الوكيل العام، حيث وجهت لتلموست تهمتي الإرشاء واستغلال النفوذ، فيما وُجهت للمتهمين الآخرين تهمة قبول رشوة مقابل عمل يخالف مهامهم.