الاستعانة بمكاتب متخصصة تتكفل بإعداد ملفات طلب القروض وإيجاد شركات “خاصة” تقدم الفواتير المطلوبة لتبرير النفقات، التي ستمول بالقرض المطلوب، وتواكب الراغبين في الاستفادة من قروض “انطلاقة” طيلة مراحل تقديم الطلب وتوفير كل الوثائق إلى حين تحصيل مبالغ الفواتير، ليتم بعد ذلك اقتطاع عمولة الشركات المصدرة والمكاتب المواكبة، ويمنح المستفيد المبلغ المتبقي..
انتهى قضاة المجلس الأعلى للحسابات من إعداد الصيغة النهائية لتقرير مهمتهم الرقابية التي همت قروض “انطلاقة” والاختلالات التي شابت هذا البرنامج، الذي أطلق بناء على تعليمات ملكية لدعم الخريجين الشباب وتمويل المشاريع الصغرى للتشغيل الذاتي. وتقررت تعبئة غلاف مالي بـ 8 ملايير درهم (800 مليار سنتيم)، بإشراف من وزارة الاقتصاد والمالية وتنسيق مع بنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي ساهم بملياري درهم (200 مليار سنتيم) وساهمت الدولة والمجموعة المهنية للبنوك مناصفة بـ 6 ملايير درهم (600 مليار سنتيم).
وأفادت مصادر أن المهام الرقابية للمجلس تأتي بناء على طلب من المؤسسة التشريعية، بعد انتشار أخبار بالتلاعب بالاعتمادات المخصصة للبرنامج، التي تتضمن أموالا عمومية بـ 5 ملايير درهم (500 مليار سنتيم)، كما راجت معلومات حول شبهات تداول رشاو للاستفادة من التمويلات، علما أن تمثيليات مهنية أصدرت بلاغات تنتقد فيها التماطل الكبير الذي تعرفه مساطر دراسات الملفات وارتفاع نسبة الملفات المرفوضة، التي تجاوزت 40 في المائة.
وأكدت مصادر إعلامية، أن قضاة المجلس الأعلى للحسابات عقدوا اجتماعات مع البنك المركزي، بعد إعداد التقرير الأولي وتمت مناقشة الملاحظات والاختلالات التي تم رصدها، خلال عمليات المراقبة التي استغرقت أزيد من سبعة أشهر، وأخذ القضاة بعين الاعتبار التوضيحات التي تلقوها من بنك المغرب والمجموعة المهنية حول الضوابط المعمول بها في المجال، وأعدوا الصيغة النهائية، التي ينتظر أن تحال نسخة منها على المؤسسة التشريعية، التي تقدمت بطلب مباشرة تحقيقات في هذا البرنامج الملكي، حسب ما أوردته المصادر. وتضمن التقرير النهائي مجموعة من الاختلالات التي شابت البرنامج، إذ أبان افتحاص وثائق القروض الممنوحة وجود فواتير تعود لشركات معروفة في السوق بإصدار فواتير مزورة، مقابل تحصيل عمولات عليها، ما يرجح فرضية أن المقاولات التي استفادت من التمويلات، استعانت بها للحصول على فواتير، التي على أساسها يتم الحصول على التمويل البنكي. وتبين أن بعض الشركات التي توقفت عن أداء الأقساط الشهرية لإرجاع القروض التي استفادت منها، كانت 77 مجرد فقاعات فارغة، تم إنشاؤها للحصول على التمويلات.
وأكدت المصادر ذاتها أن المراقبين اكتشفوا أنه لم تتم دراسة المشاريع المقدمة قصد التمويل بالشكل المطلوب، كما لم يتم التحقق من صحة الوثائق المقدمة، خاصة في ما يتعلق ببعض الفواتير المقدمة في الملفات، الصادرة عن شركات تحوم حولها شبهات بإصدار فواتير مزورة، علما أن بعض المجموعات البنكية تتوفر على لائحة سوداء بأسماء بعضها. وأظهرت التحريات الأولية أن شبابا احتالوا على المؤسسات البنكية بتقديم فواتير مزورة لاقتناء تجهيزات وأداء خدمات ممونين، واستفادوا من مبالغ مالية، بعدما أدت البنوك قيمة الفواتير لمصدريها، إذ تتم الاستعانة بمكاتب متخصصة، تتكفل بإعداد ملفات طلب القروض وإيجاد شركات “خاصة” تقدم الفواتير المطلوبة لتبرير النفقات، التي ستمول بالقرض المطلوب، وتواكب الراغبين في الاستفادة من قروض “انطلاقة”،طيلة مراحل تقديم الطلب وتوفير كل الوثائق إلى حين تحصيل مبالغ الفواتير، ليتم بعد ذلك اقتطاع عمولة الشركات المصدرة والمكاتب المواكبة، ويمنح المستفيد المبلغ المتبقي.
كما أوضحت المصادر، أن قروض “انطلاقة”لا تمنح مباشرة إلى طالبيها، بل تحول مباشرة إلى مقدمي الخدمات ومموني طالبي القروض، وتظل هذه المقتنيات مرهونة للبنك لا يمكن التصرف فيها، باعتبارها ضمانة للمؤسسة المقترضة لاسترجاع مستحقاتها.