أعلنت الإذاعة الرسمية الليبية مؤخرًا عن نجاح الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، في فرض سيطرته الكاملة على الحدود الليبية الجزائرية. هذه الخطوة العسكرية أثارت الكثير من التساؤلات حول أهداف حفتر والدوافع الكامنة وراء هذا التحرك، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتأتي هذه التطورات ضمن الجهود المستمرة لحفتر لتوسيع نفوذه في الجنوب الليبي، وهي مناطق لطالما اعتبرت معاقل للجماعات المسلحة وعناصر الإرهاب.
الأهداف الاستراتيجية لتحركات حفتر
على مدى الأسابيع الأخيرة، أطلق الجيش الوطني الليبي حملة عسكرية مكثفة في المناطق الجنوبية من البلاد، تستهدف السيطرة على الحدود مع الجزائر، تشاد، والنيجر. وتأتي هذه الحملة كجزء من استراتيجية حفتر لتأكيد سيطرته على تلك المناطق الهامة، التي كانت سابقًا تحت نفوذ جماعات مسلحة متنوعة، بعضها مرتبط بالإرهاب والبعض الآخر متورط في أنشطة التهريب والجرائم المنظمة.
ووفقًا لما ذكرته الإذاعة الرسمية الليبية، تمكنت قوات حفتر من السيطرة على منطقة أم الأرانب، وهي منطقة استراتيجية تقع على بعد حوالي 950 كيلومترًا جنوب طرابلس. حيث استقبل السكان المحليون قوات حفتر بترحيب ملحوظ، مما يشير إلى تأييدهم لهذه الخطوة التي تهدف إلى استعادة الأمن والاستقرار في تلك المنطقة بعد سنوات من الفوضى والانفلات الأمني.
الانعكاسات الإقليمية والدولية
هذا التحرك أثار قلقًا كبيرًا لدى الجزائر، التي تعتبر تأمين حدودها أولوية قصوى في مواجهة أي تهديدات محتملة. والتي سبق وأن حذرت في عام 2019 من أن العاصمة الليبية طرابلس تشكل “خطًا أحمرا” لها، مما دفعها مؤخرًا إلى تعزيز وجودها العسكري على الحدود الليبية كإجراء احترازي لمنع أي تداعيات سلبية على أمنها القومي.
حفتر وتحديات المشهد الليبي المعقد
في حين يسعى حفتر إلى تعزيز موقفه العسكري والسياسي، يواجه تحديات كبيرة من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس المدعومة من تركيا. الحكومة في طرابلس تحاول توسيع نفوذها على الأرض، لكن تحركات حفتر الأخيرة قد تعيد ترتيب الأوراق على الساحة الليبية.
وقد ترى تركيا، التي قدمت دعمًا عسكريًا كبيرًا لحكومة طرابلس، في هذه التحركات تهديدًا لمصالحها في ليبيا. في المقابل، تلعب دول مثل روسيا، مصر، والإمارات دورًا كبيرًا في دعم حفتر، مما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل التنبؤ بتطورات الأزمة الليبية أمرًا بالغ الصعوبة.
كما أن السيطرة على الحدود مع الجزائر تمثل خطوة استراتيجية مهمة لحفتر، ولكنها قد تكون أيضًا محفوفة بالمخاطر. فمن جهة، تعزز هذه الخطوة من نفوذه في الجنوب الليبي، ولكنها من جهة أخرى قد تؤدي إلى تصعيد التوترات مع الجزائر ودول الجوار، مما يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر.
ويبقى السؤال الأهم هو كيف ستتعامل الأطراف الدولية والإقليمية مع هذا الوضع، وهل ستكون هناك حلول سياسية للأزمة الليبية المتفاقمة؟