حكاية رحلة الذات: تأملات في الحكايات والهوية

31 ديسمبر 2024
حكاية رحلة الذات: تأملات في الحكايات والهوية
العربية.ما / محمد شيوي
حكاية رجل في منتصف العمر.

في قرية صغيرة، حيث تلتقي الأزقة المزدحمة بالأصوات والوجوه، كان هناك رجل في منتصف العمر يحمل في قلبه حكاية بل الكثير من الحكايات. في كل مرة كان ينظر فيها إلى نفسه، كان يتذكر عبارة “وأعوذ بالله من كلمة أنا”، التي اختزلت كل تجاربه في تسعة وخمسين عاما. لم تكن هذه العبارة مجرد كلمات، بل كانت بوابة لعالم من الذكريات والتجارب الإنسانية.

تتجلى تفاصيل حياته في قصص عديدة. كانت هناك لحظات من الخصام العائلي، وتلك الفوضى التي تعقب كل حديث أو لقاء. كل زاوية مشى فيها، وكل شخص قابله، ترك أثرا عميقا في نفسه. حتى الابتسامات العابرة من الغرباء كانت تعبر كأشعة الشمس، تُضيء زوايا قلبه المظلم أحيانًا.

في خضم تلك الحكايات، تداخلت العلاقات كما تتداخل الألوان في لوحة فنية. كانت هناك أخطاء ارتكبها، وعلاقات حب تنوعت بين النجاح والفشل. الصداقات المؤقتة تركت بصمة، بينما كانت الأخرى دائمة كنجوم في سماء حياته. كل تجربة، سواء كانت مريرة أو حلوة، ساهمت في تشكيل هويته. الأسئلة التي واجهته والإجابات التي سعى للوصول إليها كانت جزءًا من رحلة تطور إيمانه.

كل شيء في حياته كان يتداخل مع بعضه البعض، ليشكل صورة واضحة بالنسبة له وللآخرين. كان ذلك المزيج من الجمال والبشاعة، الكمال والنقص، الخوف والأمل، يشكل كيانه. أدرك أن أقصر مسافة بين أي رجلين هي حكاية، لذا كان ينظر إلى الآخرين كأبطال في قصصهم الخاصة، مما مكنه من خلق أعذار لهم وتقبل اختلافاتهم.

تقبل الآخرين كنتاج لمحيطهم منحاه القدرة على استيعاب الأمور والأشخاص بشكل أفضل. ومع ذلك، كان هناك سؤال يراوده: ما هي الحكاية التي “أريد” كتابتها، أو التي “عليّ” كتابتها؟ كان هذا السؤال يحمل له مسؤولية تشكيل مستقبله، ويدفعه للتفكير في الهوية التي يسعى ليكونها.

وفي النهاية، أدرك أن كل حكاية يمر بها تضيف بُعدًا جديدًا إلى شخصيته. كانت الحياة بالنسبة له سردًا مستمرًا، وهو في منتصف تلك القصة. كان يبحث عن المعنى، ويرغب في خلق حكايات تساهم في نضجه وتطوره كإنسان. وبينما كان يخطو خطواته في الحياة، كان يحمل معه كل تلك الحكايات، كجواهر ثمينة تتلألأ في ذاكرته، تلهمه لتدوين قصته الخاصة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.