حين يُذبح الأمل في مؤسسة تعليمية… صرخة أب موجوعة

حين يُذبح الأمل في مؤسسة تعليمية… صرخة أب موجوعة
العربية.ما - الرباط

في بلد لطالما علّق آماله على التعليم كمصعد اجتماعي ووسيلة عبور نحو مستقبل أكثر عدلاً، وبينما تتعالى الخطابات الرسمية حول جودة التعليم وربط المعرفة بالتنمية، تطفو إلى السطح مآسي صامتة، يدفع ثمنها خيرة شباب هذا الوطن، دون أن تجد آذانًا صاغية أو قلوبًا تعي حجم الألم.

 

في إحدى المؤسسات التعليمية العمومية، داخل شعبة من أكثر الشعب دقة وحساسية، تفجرت مأساة تربوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. مئات الطلبة، تجاوز عددهم الخمسمائة، وجدوا أنفسهم خارج الركب، مقصيين جماعيًا في مادة أساسية، ضحايا مقاربة تقييمية وصفت بالصارمة، لكنها خالية من أي بعد تربوي أو إنساني، أغلقت كل منافذ الفهم والتدارك، وأحبطت كل منطق للتقدير العادل.

 

لم يكن الأمر مجرد رسوب جماعي، بل انهيار جماعي لأحلام نبتت على شظف العيش، ونُسجت بخيوط المثابرة والصبر. طلاب ضاقت بهم السبل، لكنهم لم يستسلموا، واليوم يجدون أنفسهم على حافة الانهيار، بين الإحباط واليأس وربما الانقطاع النهائي عن الدراسة.

 

ما حدث لا يمكن اختزاله في خلل بيداغوجي عابر، بل هو جرح نفسي عميق، زرع في نفوسهم شكًا قاتلاً في قيمة الاجتهاد. فأن يشعر الطالب أن لا جدوى من المثابرة، وأن مستقبله قد ينهار بسبب قلم، فتلك مأساة وطنية صامتة تهدد بانهيار الثقة في المؤسسة التعليمية نفسها.

 

الأخطر من الرسوب هو ذاك الشعور المتفشي بالظلم، بالتمييز، بالعشوائية. حين يُصبح النجاح رهين معايير غامضة، لا تُشرح ولا تُراجع، وحين يغيب الحق في المعلومة، وفي التظلم، وفي إعادة التقييم، فإننا نؤسس لصمت قاتل، ولجيل فاقد للبوصلة، لا يرى في التعليم إلا عبئًا نفسيًا لا مكافأة فيه.

 

ويبقى السؤال المؤلم معلقًا في وجه كل مسؤول:

 

هل يُعقل أن تنهار مسارات مئات الطلبة دفعة واحدة؟ هل من يتأمل وجوههم المكسورة داخل القاعات؟ هل من يسمع نبض الخيبة في صدورهم؟

 

لا نطلب امتيازًا، ولا تساهلاً. نطلب فقط عدلاً يُنصف الاجتهاد، ويمنح كل طالب حقه في الشرح، في التصحيح، في التظلم، في إعادة التقدير، كما تقتضيه مبادئ التعليم النزيه.

 

فمؤسساتنا التعليمية ليست ساحات للإقصاء، بل يجب أن تكون فضاءات للأمل، للترقي، للإنصات، وللإنصاف.

 

صرختنا اليوم ليست مجرد احتجاج… إنها نداء من أجل إنقاذ جيل، ومن خلاله إنقاذ هذا الوطن.

 

Exit mobile version