في سياق توسّع عمراني متسارع وتزايد الضغط على البنية التحتية والخدمات الأساسية، تنعقد الدورة العادية لشهر ماي 2025 لجماعة الجديدة يوم الأربعاء 7 ماي، محمّلةً بجدول أعمال متشعّب يمسّ قضايا حيوية تمسّ مباشرة التوازنات المجالية والمالية للمدينة. وهي دورة يُرتقب أن تشكل اختباراً جدياً لقدرة المجلس على مواءمة القرارات مع المبادئ الدستورية للحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ترحيل “قاعة نجيب نعامي”: نزاع التأويلات بين المصلحة العامة والحاجة الجماعية
يُطرح على طاولة المجلس اقتراح ترحيل “قاعة نجيب نعامي” بناءً على مراسلة من عامل الإقليم، في خطوة تثير تساؤلات قانونية حول شروط نقل الملكيات أو تغيير استعمال الممتلكات الجماعية، خاصة تلك المخصصة للخدمات الثقافية أو التربوية. يفرض هذا القرار فتح نقاش عمومي حول مدى كفاية المرافق البديلة وملاءمتها، واحترام مبدأ الاستمرارية في الخدمة العمومية.
تنظيم الملك العمومي: خطوة إصلاحية أم إجراء انفرادي؟
مشروع القرار التنظيمي لضبط استغلال الملك العمومي يمثّل نقطة تحوّل في تدبير المجال المشترك، بعد سنوات من التسيّب والتعدي على الأرصفة والمساحات العامة. غير أن فعالية هذا القرار تبقى رهينة بتوفّر ضمانات الإنصاف، وآليات المراقبة الفعالة، والحوار مع الفئات المستفيدة، لا سيما الباعة المتجولين والأنشطة التجارية الصغيرة، لتفادي أي طابع تعسفي أو انتقائي في التطبيق.
المجازر الجماعية: نحو ميثاق جديد للسلامة والشروط الصحية
ضمن محور التدبير المفوض للمرافق، تُطرح دفاتر تحملات جديدة لتنظيم استغلال المجازر الجماعية، في تجاوب مع الإكراهات الصحية والبيئية. ومع أهمية الخطوة، فإن تنزيل هذه المعايير يستوجب مرافقة تأهيلية للمستغلين الحاليين، وتفادي الإقصاء غير المباشر للمقاولات المحلية بسبب شروط تقنية أو مالية مجحفة.
التفويتات العقارية: مصلحة عامة أم ممارسات تفتقر للشفافية؟
يحضر الملف العقاري بقوة في هذه الدورة، من خلال مشاريع تفويت لعدد من البقع الأرضية، بعضها لأغراض اجتماعية وتعليمية. غير أن غياب آليات واضحة لضمان تكافؤ الفرص، وافتقار بعض المشاريع لدراسات الأثر المجالي والاجتماعي، يثير مخاوف من إمكانية انزلاق هذه العمليات نحو منطق الريع أو الترضيات، مما يتطلب إحاطة قانونية صارمة ومراقبة مؤسساتية فاعلة.
الميزانية وإعادة توزيع الاعتمادات: منطق الأولويات أم تكرار للتوجهات السابقة؟
مراجعة بيان حصر الحساب المالي لسنة 2024 وتحويل الاعتمادات المالية نحو مشاريع تجهيز جديدة يطرحان تحدي الاستجابة للانتظارات المجالية المتزايدة، لكن دون إغفال ضرورة تقييم مردودية المشاريع السابقة وتدقيق أثرها التنموي. كما ينبغي احترام قواعد التوازن المالي وتوجيه الإنفاق نحو مجالات تُحدث فرقاً حقيقياً في جودة حياة الساكنة.
الشراكات الاستراتيجية: فرص للتكامل أم تكرار لصيغ شكلية؟
تضمّن جدول الدورة اتفاقيات شراكة مع المجلس الإقليمي وهيئة الجديدة والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، في إطار جهود تأهيل المرافق وتعزيز السلامة الطرقية. غير أن نجاح هذه الاتفاقيات يظل رهيناً بوضوح الالتزامات، وتوزيع الأدوار، وآليات التتبع والتقييم، تفادياً لخلق واجهات مؤسساتية بدون أثر ملموس على الأرض.
في الختام، لا تبدو دورة ماي 2025 محطة إدارية عابرة، بل لحظة مساءلة حقيقية لتوجهات جماعة الجديدة في تدبير الملفات ذات الأولوية، ضمن منطق يحترم القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، ويعيد الاعتبار للشفافية، والمصلحة العامة، والمشاركة المواطنة. وفي ظل تنامي وعي الساكنة ومتابعة المجتمع المدني، تبدو الحاجة ملحة لإقرار قرارات مدروسة تُجسد فعلياً روح الدستور ومنطوق القوانين التنظيمية