رشيد أيلال مجددا… حين يضرب النقد التراثي أعصاب الطمأنينة الدينية!

17 يوليو 2025
رشيد أيلال مجددا… حين يضرب النقد التراثي أعصاب الطمأنينة الدينية!
العربية.ما / محمد شيوي
رشيد أيلال حين يضرب النقد التراثي أعصاب الطمأنينة الدينية!

في زمن تحولت فيه وسائل التواصل إلى ساحات سجال معرفي، عاد الكاتب والباحث رشيد أيلال ليشعل فتيل الجدل من جديد، ليس فقط بين رواد الفضاء الرقمي، بل داخل العمق الفكري العربي، حين نشر تدوينة صادمة تعرض فيها لبعض فتاوى منسوبة إلى أئمة كبار في الفقه الإسلامي، بأسلوب حاد وصادم خلف ردود فعل متباينة وعاصفة.

بعيدا عن لغته النارية، أثارت كلمات أيلال تساؤلات جوهرية حول مدى صلابة النصوص التراثية، وما إن كانت تمثل فعلا أقوال أولئك العلماء أم أنها من إضافات عصور سياسية متقلبة وظروف اجتماعية مختلفة.
الجدل لم يكن جديدا عليه؛ فقد سبق أن هز الأوساط الدينية والفكرية بكتابه “صحيح البخاري: نهاية أسطورة“، والذي أثار يومها زوبعة فكرية لا تزال تداعياتها قائمة إلى اليوم.

لكن هذه المرة، لم يكتف أيلال بتوجيه نقد فكري، بل اختار أسلوبا صادما وصف فيه بعض الفتاوى بأنها “نتاج عقول تحتاج للعلاج”، مستشهدا بما نسب للشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل من فتاوى، قال إنها تصطدم مع الفطرة والعقل والنص القرآني الصريح.

التفاعل كان سريعا وحادا. فريق ناصره ودعمه، معتبرا أن ما قاله يفترض أن يقال منذ زمن، وأننا نعيش “رهينة تراث غير معصوم”، فيما آخرون اعتبروا تصريحاته خطا أحمرا وتجاوزا لحرمة الرموز الدينية، بل وطالبوا بإحالته على القضاء بدعوى المس بالمقدسات.

من جانبها، تساءلت بعض الأصوات بعقلانية: “أليس من المحتمل أن هذه الفتاوى قد أضيفت إليهم بعد وفاتهم؟”، لتطرح بذلك إشكالية التوثيق التاريخي للنصوص الفقهية ومدى صحتها.
بينما أكد آخرون أن عصورا مثل العباسي كانت حبلى بالتوظيف السياسي للدين، وأن كثيرا مما نسب لأئمة المذاهب الأربعة قد لا يعكس بالضرورة فكرهم الحقيقي.

أمام هذا السجال، تتكرر ذات الأسئلة القديمة/الجديدة:
هل يجب إعادة قراءة التراث الديني بنظارات العصر؟
هل نقد بعض الفتاوى القديمة يعد مسا بالمقدسات أم ممارسة نقدية مشروعة؟
وأين ينتهي حق التفكير ويبدأ خط التجريم؟

رشيد أيلال لم يكن الأول، وربما لن يكون الأخير، لكن ما يطرحه يضعنا أمام مأزق معرفي مزدوج:
هل نقدس النصوص بكل ما فيها، أم نميز بين “المقدس” و”البشري” داخل التراث الديني؟
وهل نحن فعلا مستعدون ٩٩للنظر في المرآة، أم ما زلنا ٩نخاف من رؤية التجاعيد التي خلفها التاريخ في عقولنا؟

في النهاية، يبقى الأكيد أن ردود الأفعال، مهما بلغت حدتها، تعكس في عمقها حاجة المجتمع إلى مناقشة الإرث الديني بعيدا عن دوغمائية التقديس، وبمنهجية تفر٩ق بين النص المؤسس والاجتهاد البشري القابل للنقد والخطأ…
فـ”دين الله” كما قال أحد المعلقين، “أوضح وأسمى من كل هذا الصخب… لكنه ابتُلي بمن يخلطون بين الفتوى والإلهام، وبين التراث والوحي”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.