زهرية مراكش هو احتفاء بتراث تقطير ماء الزهر.
شهدت مؤسسة العمراني الخصوصية بمدينة مراكش صباح يوم الثلاثاء 25 مارس الجاري، نشاطا متميزا تمثل في استحضار عملية “زهرية مراكش” تقطير ماء الزهر، وهي طقوس حضارية رائقة تعود جذورها إلى تاريخ المدينة العريق. هذا الحدث، الذي استهدف تلاميذ وتلميذات جميع الأسلاك التعليمية (الأولي، الابتدائي، الإعدادي والثانوي)، حيث شهد حضورا فعليا لجل أساتذة المؤسسة، بالإضافة إلى الرئيس المؤسس الدكتور مولاي أحمد العمراني.
تأتي الاحتفالية بزهرية مراكش، تحت شعار “الزْهر اللّي تَتْرجى … تَلقاه فْمْراكش البهْجَهْ”، بالتنسيق مع جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، التي تواصل تنظيم هذا الحدث منذ 13 عاماً. وفي كلمته الترحيبية بأعضاء جمعية منية مراكش، استعرض الدكتور مولاي أحمد العمراني أهمية هذا التراث الأصيل، مشيرا إلى أن تظاهرة “زهرية مراكش” تهدف إلى ترسيخ التقاليد المرتبطة بعملية تقطير ماء الزهر، التي تحتفل بها الأسر المراكشية في فصل الربيع كل عام.
من جانبه، أبرز ممثل جمعية منية مراكش، السيد عبد الغني زريكم، جهود الجمعية في تعزيز هذا التقليد الثقافي، موضحا أن النساء في مراكش يشاركن في عملية التقطير سواء في المنازل أو عبر التعاونيات أو من خلال الجمعيات التراثية. كما أشار إلى أهمية ظهور أزهار النارنج (الزنبوع) في شهر مارس، والتي تستخدم في عملية التقطير.
واستكمالا للحدث، قدمت السيدة السعدية بوفوس، خبيرة في التراث المغربي، عرضا تطبيقيا للطريقة التقليدية في تقطير ماء الزهر. حيث شرحت كيفية استخدام “القطارة”، وهي أداة تقليدية مصنوعة من النحاس الأحمر، تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية: الطنجرة، الكسكاس، وقبة القطارة، حيث يلعب كل جزء دورا أساسيا في العملية.
تخللت الفعاليات فقرات شعبية من تقديم فرقة للدقة المراكشية، التي نالت استحسان الحاضرين، ليختتم الحفل بتوزيع ورش ماء الزهر على جميع الحضور.
صفية أولاد لحية، التلميذة الفنانة التشكيلية، قامت برسم لوحة فنية رائعة تعبر عن زهرة النارنج “الزنبوع”. هذه اللوحة تمثل عربون امتنان من تلامذة مؤسسة العمراني للجمعية، تقديراً لجهودها في الحفاظ على التراث المغربي. حيث في الصبيحة، أظهرت صفية مهاراتها الفنية من خلال الألوان الزاهية والتفاصيل الدقيقة التي تعكس جمال زهرة النارنج، مما يضيف لمسة من الفخر والاعتزاز بالثقافة المغربية. اللوحة ليست فقط تعبيراً فنياً، بل تحمل أيضاً رسالة قوية عن قيمة التراث وأهمية الحفاظ عليه.
إن هذا النشاط لم يكن مجرد احتفال، بل كان فرصة لتعزيز الهوية الثقافية والاحتفاء بالتراث المغربي الأصيل، مما يسهم في الحفاظ على تاريخ المدينة الحمراء وتقاليدها الفنية.