في ظل الضغوط المتزايدة على النظام الجزائري، تتواصل الانتقادات حول سياسات الجنرالات التي يُنظر إليها كعائق رئيسي أمام جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق التنمية الاقتصادية. وفي هذا السياق، تثار تساؤلات حول مدى مصداقية البيانات الحكومية التي تتحدث عن تحقيق إنجازات اقتصادية ملحوظة، خاصة في مجال الصادرات خارج قطاع المحروقات.
تروج وسائل إعلام الجنرالات الرسمية لخطابات متفائلة تتحدث عن بلوغ الجزائر 50 مليار دولار من الصادرات غير النفطية، وتعتبر ذلك إنجازاً كبيراً ناتجاً عن استغلال الموارد المتاحة والطاقات الشبابية. غير أن الخبراء يشككون في هذه الأرقام، مؤكدين أن الواقع على الأرض لا يتماشى مع هذه المزاعم. محمد سعيود، الخبير الاقتصادي والمستشار الدولي في مجال الاستثمار الصناعي، أشار إلى أن التحسن الحقيقي في المناخ الاستثماري مرتبط بتطبيق القوانين الجديدة المتعلقة بالاستثمار والعقار الصناعي. ومع ذلك، يؤكد سعيود أن تحقيق أي تقدم ملموس يتطلب تجسيد المشاريع المطروحة على أرض الواقع.
في المقابل، يرى محللون أن النظام الحالي، بتوجهاته السياسية والاقتصادية، يعيق بالفعل تدفق الاستثمارات الأجنبية. فبينما تتحدث السلطات عن تدفق طلبات الاستثمار من بلدان أوروبية وآسيوية وعربية، تشير الدلائل إلى أن الجزائر تواجه عزلة متزايدة. حيث أن الدول الأوروبية تفضل الاستثمار في دول أكثر استقراراً وانفتاحاً، بينما تنظر الدول العربية إلى الجزائر بريبة بسبب السياسات التي تُعتبر معادية لمصالح المنطقة.
علاوة على ذلك، يبدو أن الدول الآسيوية تستغل الجزائر لأغراضها الخاصة دون الالتزام باستثمارات طويلة الأجل تعود بالنفع على الاقتصاد المحلي. وفي هذا الإطار، يتساءل العديد عن مصداقية هذه الإعلانات الرسمية التي تبدو بعيدة كل البعد عن الواقع الميداني.
كما أن الأوضاع الراهنة تُظهر أن النظام العسكري في الجزائر، بتاريخه القائم على الانقلابات ودعمه للحركات الانفصالية، يخلق مناخاً من الخوف وعدم الاستقرار، مما يثني المستثمرين عن المغامرة بأموالهم في بيئة تفتقر إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي. وحتى المواطن الجزائري البسيط يجد نفسه في موقف صعب، حيث أصبح التفكير في مغادرة الوطن خياراً محتملاً بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى قدرة الجزائر على جذب استثمارات حقيقية في ظل هذه الظروف، ومدى إمكانية النظام الحالي في إحداث تغيير حقيقي ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني وعلى حياة المواطن.