في امتداد لسلسلة المقالات التي سبق نشرها حول احتجاجات ساكنة دوار أنغريف ضد رئيس/نائب أراضي الجموع، وما رافقها من مطالب اجتماعية وحقوقية، تشهد القضية اليوم منعطفا نوعيا يؤشر على انتقال مسؤول من منطق الاحتجاج إلى مسار الحوار المؤسساتي، بحثا عن الحقيقة والإنصاف وترسيخا لمبادئ الحكامة في تدبير الأراضي السلالية.
أسفرت الاحتجاجات التي خاضتها ساكنة مدشر أنغريف عن مباشرة السلطات الإقليمية بطاطا دراسة الملف المطلبي المرفوع إلى السيد العامل محمد باري، وذلك عبر لجنة للحوار تمثل الساكنة. ويرتكز هذا الملف أساسا على ثلاث مطالب مركزية:
مراجعة عملية التحديد الإداري التي انفرد نائب أراضي الجموع بإنجازها دون مشاورة جماعة النواب أو أعضاء الجماعة السلالية، وما شابها من خروقات واختلالات.
تجديد مجلس جماعة النواب الذي انتهت ولايته القانونية منذ فبراير 2024، مع اعتبار كل القرارات المتخذة بعد هذا التاريخ ـ وكذا القرارات الانفرادية السابقة ـ لاغية وغير مشروعة.
إيقاف منح الشواهد الإدارية غير القانونية التي يُشتبه في توظيفها خارج الضوابط الجاري بها العمل.
وفي هذا السياق، حلت يوم الأربعاء 24 دجنبر 2025 لجنة رسمية بمقر قيادة أديس، برئاسة السيد قائد القيادة، لدراسة الملف بشكل شامل. وضمت اللجنة مساحا طبوغرافيا، وممثلا عن مكتب الدراسات الذي أنجز عملية التحديد الإداري، وثلاثة ممثلين (نائب أراضي الجموع بالنيابة، عضو من جماعة النواب، وأحد ذوي الحقوق)، إلى جانب مقدم الدوار. في المقابل، سجل غياب نائب أراضي جموع الجماعة السلالية المعني بالملف، رغم تبليغه، وهو ما اعتبرته الساكنة تنصلا غير مبرر.
وانتقلت اللجنة ميدانيا إلى منطقة الدربازة كنموذج للوقوف على الخروقات المبلغ عنها. وقد استمعت إلى توضيحات المساح الطبوغرافي بخصوص منهجية التحديد، لتتأكد بالمعاينة صحة ما سبق أن رفعه المشتكون إلى السلطات الإقليمية، خاصة ما يتعلق بالانتقائية التي وسمت العملية. وانتهى النقاش إلى ضرورة التدقيق الشامل ومراجعة مسطرة التحديد بما يضمن إنصاف المتضررين ورد الاعتبار لهم.
أثبتت المعاينة وجود خروقات وشوائب تمثلت في تحديد كيدي لبعض الأراضي مقابل استثناء متعمد وأحيانا انتقامي لأراض أخرى، وهو ما لا يقتصر على النموذج المعاين فحسب، بل ينسحب على العملية برمتها. ويتجلى ذلك بوضوح في الملك المسمى أنغريف 2 وملعب أنغريف، إضافة إلى مناطق أخرى تعذر على اللجنة بلوغها لضيق الوقت.
هذا وحملت ساكنة أنغريف النائب المعني كامل المسؤولية عمّا وقع من اختلالات، مؤكدة أنه لم يكتف بذلك، بل سعى وفق ما جاء في شكايات الساكنة إلى تجييش بعض الأشخاص عبر أساليب التضليل وبث الإشاعات، بما في ذلك تخويف المواطنين وإيهامهم بتحديد أراضيهم من طرف آخرين، وهو ما خلق حالة من القلق والتوتر وهدد السلم والتماسك الاجتماعي.
في المقابل، تؤكد الساكنة أن هدف اللجنة كان ولا يزال الوقوف على الحقيقة بالدليل والبرهان، وتوثيقها بشكل مهني، قصد تمكين سلطة الوصاية على الأراضي الجماعية من اتخاذ القرار المناسب وفق القانون. وقد تم توثيق هذه المعطيات من طرف المساح الطبوغرافي، مع انتظار تضمينها في المحضر الرسمي الذي يُرتقب رفعه إلى السيد العامل.
تختم ساكنة أنغريف هذا المسار بتجديد ثقتها في مؤسسات الدولة، معبرة عن أملها في إنصافها من طرف السيد باري، عامل إقليم طاطا، بما يعيد الاعتبار للمتضررين ويكرس مبادئ العدالة والشفافية في تدبير الأراضي السلالية.


















