طاطا: بلاغ جماعة إسافن.. تبريرات إنشائية تغطي فشلا تنمويا

1 سبتمبر 2025
طاطا: بلاغ جماعة إسافن.. تبريرات إنشائية تغطي فشلا تنمويا
العربية.ما - الرباط

أصدرت جماعة إسافن التابعة لإقليم طاطا بيانا توضيحيا حاولت من خلاله الرد على ما أُثير مؤخرا من انتقادات حول تسيير الشأن المحلي، غير أن مضمون البلاغ بدا أقرب إلى محاولة لذر الرماد في العيون منه إلى توضيح مسؤول يعكس روح المحاسبة والشفافية.

 

البيان، الذي صيغ بلغة إنشائية وادعاءات متكررة بالالتزام بالقانون، تجاهل جوهر الإشكالات التي طرحتها فعاليات محلية ووسائل إعلام مهنية، واكتفى بتكرار عبارات من قبيل “نعمل وفق القانون” و”نلتزم بالحياد”، دون تقديم أدلة ملموسة أو معطيات دقيقة تبرر هذه الادعاءات.

 

وما يثير القلق أكثر هو لجوء رئيس الجماعة المنتمي لحزب الاستقلال، وفق مصادر موثوقة، إلى الاستعانة ببعض الأقلام المأجورة وصفحات الإسترزاقية للدفاع عنه إعلاميا، في محاولة مكشوفة لتوجيه الرأي العام المحلي وتكميم أفواه الأصوات الحرة التي تفضح جوانب الخلل وتطالب بالإصلاح.

 

وتأتي هذه المحاولة للتستر على الواقع بالتزامن مع ما كشفته “الجريدة العربية” من معطيات دقيقة وخطيرة في تقارير سابقة، أبرزها تلك التي سلطت الضوء على ممارسات شيخ جماعة إسافن، والتي أشارت إلى شبهات تتعلق بسوء التسيير واستغلال النفوذ، وهو ما يزيد من حجم التساؤلات حول مدى التواطؤ بين بعض الجهات المنتخبة والإدارية.

 

ولعل أوضح تجليات هذا الفشل الإداري تتجسد في مشهد السوق الأسبوعي “خميس إسافن”، الذي تحوّل إلى نموذج صارخ للعشوائية وسوء التسيير. فمنذ سنوات، وقطار التنمية متوقف في هذه النقطة، حيث تعيش البنية التحتية للسوق حالة من التدهور المستمر، في وقت شهدت فيه أسواق مشابهة في مناطق مجاورة تحديثات جذرية وتأهيلاً يراعي الكرامة والضوابط القانونية. أما هنا، فقد كتب لهذا السوق أن يظل عنوانا للركود والفوضى، ومرآة تعكس عمق الإخفاقات وغياب الرؤية لدى مسؤولي الجماعة.

 

فبمجرد أن تطأ قدماك تراب هذا السوق، حتى تشعر أنك تغادر الزمن الإداري الراهن إلى مشاهد من الماضي البعيد: فضلات متناثرة، غياب التنظيم، احتلال عشوائي، وتهميش لبسطاء الباعة والمرتفقين، في ظل صمت مطبق من رئيس الجماعة، الذي يبدو أنه غارق في حسابات سياسية ضيقة لا تمت

بصلة لمصالح السكان ولا لحاجاتهم الأساسية.

 

هذا الواقع، الذي لا يمكن إخفاؤه خلف بلاغات مزخرفة، يعكس فشلًا متراكمًا في تسيير دواليب الجماعة، وانعدامًا لأي استراتيجية واضحة تواكب تطلعات الساكنة وتتماشى مع مبادئ الحكامة الجيدة. بل إن سياسة الكيل بمكيالين، التي أصبحت السمة الغالبة على تدبير الشأن العام المحلي، تكرّس مزيدًا من التهميش وتغذي الشعور باللامساواة.

 

إن مثل هذه البلاغات، وإن حاولت طمس الحقيقة خلف واجهة قانونية براقة، فإنها تعكس قلقًا متزايدًا لدى المسؤولين المحليين من تنامي الوعي لدى المواطن ومتابعة الإعلام الجاد. فالقضية لم تعد تقتصر على تدبير رخص بناء أو تسيير سيارة إسعاف، بل تتعلق بثقافة المحاسبة وحق المواطن في المعلومة.

 

وأمام كل هذه المعطيات المتضاربة، تتزايد المطالب بفتح تحقيق رسمي وإيفاد لجن مركزية لتقصي الحقائق، خاصة فيما يتعلق بسير المرافق الجماعية، ونظام منح الرخص، وطريقة تدبير السوق المحلي، وخدمة سيارة الإسعاف التي تحوّلت، حسب شهادات ساكنة، إلى عبء مالي بدل أن تكون خدمة اجتماعية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.