طاطا خارج حسابات الحكومة.. إلى متى التهميش؟

24 فبراير 2025
طاطا خارج حسابات الحكومة.. إلى متى التهميش؟
العربية.ما - الرباط

يبدو أن الحكومة، ممثلة في وزارة السياحة، تواصل ترسيخ صورة طاطا كإقليم خارج الخريطة التنموية للقطاع السياحي، حيث جاء برنامج GoSiyaha ليؤكد مجددًا غياب العدالة المجالية في توزيع الدعم وتحقيق التنمية السياحية المتوازنة.

 

هذا البرنامج، الذي يفترض أنه جاء لدعم المشاريع السياحية من أجل مواكبة الإقلاع الذي تعرفه البلاد، يركز بشكل شبه حصري على الجانب الترفيهي، متجاهلًا الأولويات الحقيقية لإقليم يعاني من نقص حاد في بنيات الإيواء. فكيف يمكن الحديث عن دعم السياحة في منطقة لا تتوفر حتى على الحد الأدنى من الفنادق ودور الضيافة التي تستوعب زوارها؟

 

 

في هذا السياق، صرّح الفاعل الاقتصادي عبد الرحيم نفيسو قائلاً:

“برنامج GoSiyaha لم يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الحقيقية لإقليم طاطا، فنحن لا نحتاج فقط لمشاريع ترفيهية، بل لحلول عملية تعالج النقص المهول في أماكن الإقامة. كيف يمكننا الترويج للسياحة في منطقة لا تتوفر على فنادق أو دور ضيافة كافية لاستقبال الزوار؟”

 

وأضاف نفيسو: “عدد من المستثمرين يرغبون في إطلاق مشاريع سياحية في طاطا، لكن غياب البنية الفندقية يشكّل عائقًا رئيسيًا أمام أي تنمية حقيقية للقطاع. لا يمكننا الحديث عن سياحة مستدامة دون توفير الأساسيات، والوزارة مطالبة بإعادة النظر في أولوياتها إن كانت جادة في دمج طاطا في الخارطة السياحية الوطنية.”

 

 

 

فطاطا اليوم تواجه معضلة حقيقية؛ فبسبب غياب البنية التحتية الفندقية، يُضطر العديد من الزوار إلى مغادرة المدينة يوميًا لعدم توفر أماكن إقامة مناسبة. هذا الواقع لا يقتصر فقط على السياح، بل يشمل أيضًا المستثمرين والموظفين الذين يجدون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر: إما المغادرة أو التأقلم مع ظروف إقامة غير ملائمة. فهل يمكن جذب السياح الأجانب وتحقيق الإقلاع السياحي بمنشآت شبه منعدمة؟

 

الأغرب أن وزيرة السياحة، خلال زيارتها الأخيرة لطاطا، تحدثت عن دور محوري للإقليم في خارطة الطريق السياحية الوطنية. لكن كيف يمكن الحديث عن دور ريادي لمنطقة تهمَّش في البرامج الحكومية ولا تستفيد من أي دعم يُراعي احتياجاتها الفعلية؟

 

 

إن استثناء مشاريع الإيواء من برنامج GoSiyaha في طاطا ليس مجرد تفصيل بسيط، بل هو عرقلة حقيقية لتنمية القطاع السياحي في المنطقة. فالترفيه وحده لا يمكن أن يشكل قاعدة لجذب السياح أو تحفيز الاستثمار إذا لم يكن مدعومًا ببنية تحتية ملائمة.

 

المطلوب اليوم هو تصحيح هذا الخلل وإعادة النظر في معايير الدعم، بحيث تشمل تمويل المشاريع الفندقية ودور الضيافة، لضمان توزيع عادل للموارد وتحقيق تنمية سياحية حقيقية.

 

 

 

طاطا ليست مجرد نقطة على الخريطة، بل منطقة غنية بالمؤهلات السياحية والتاريخية والثقافية. وما تحتاجه ليس وعودًا فضفاضة، بل قرارات ملموسة تضعها في قلب التنمية السياحية، لا على هامشها. فهل ستتحرك الوزارة لإنصاف هذا الإقليم أم سيظل خارج حساباتها؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.