لطالما عرف الميدان السياسي أو النقابي أو الجمعوي تدافع تحكمه أخلاقيات تجعل المناضلين في هذه المجالات يحترمون بعضهم وبعضا، بل أحيانا يرتفع هذا الخلق إلى مكانة التقدير، وهذا إن دل يدل على نُبل وأصالة الممارسين بالرغم من نجاسة الميدان الذي يلعبون على رقعته.
لكنه وفي الوقت الأخير دنَّست طفيليات هذه الأخلاق النبيلة، في انحراف تام عن الغايات النبيلة التي قامت من أجلها وضحى المناضلون المخلصون في سبيلها فلم يعُد يهمها إلا تحقيق أهداف وصولية مهما كانت الوسائل المتبعة في ذلك، ولو على حساب ما تتبجح به ظاهريا وأمام العامة، لكن ما خفي كان أعظم. ولعل المثال الأوضح على ما نقول في هذه الآونة فئة من الميزانيين الذين فقدوا البوصلة مؤخرا، بعدما تم فضحهم بفبركة مكتب “نقابي”، محاولين بكل الوسائل التغطية على الأمر ولو بطرق ملتوية في ظلام دامس حتى لا تنفضح ممارساتهم أمام من كانوا يُظهرون لهم ما لايُبدون.
كبير الميزانيين اليوم رفقة الموييزين الصغير “التلميذ المدلل”، استخدم جميع الوسائل للضغط على الحلقات الأضعف من العاملات والعمال لثنيهم عن الدخول في نقابة معينة والانخراط مع مناضليها، موظفين في ذلك أساليب الشيطنة والتخوين والعمالة ووصف قياداتها بأبشع الأوصاف حتى يفزع من يسمع ذلك؛ لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل وتشبث هؤلاء العمال والعاملات بأشخاص علموا تاريخهم وصدقهم، فلم تُغيرهم ضغوطات كبير الميزانيين ولا وعود امتيازات رئيس جماعة ولا كلمات برلماني سابق، ولا ترغيب نقابي مغمور يكذب على هذا وذاك.
معركتين خاضها الميزانيون بل فئة من الميزانيين رجعوا فيها بخفي حنين، لأن كثير منهم فضل عدم الخوض فيهما بعد تقديم النصح الواجب لكبير الميزانيين وتلميذه المدلل بكونها معركة غير أخلاقية ولا تنسجم مع مبادئهم التي تربوا عليها في الرقعة، كما لا تنسجم مع تربيتهم الأسرية التي نشأوا عليها، غير ان حكمة العقلاء هذه لما وقرت بعد في مسامع المتهورين، فركبوا سفينة كبرهم وخاضوا في أمواج يعلمون حقيقة انها عاتية، وأنهم لن يصلوا إلى بر الأمان مرة أخرى إلا باتباع الوسائل غير القانونية، بعدما تم الاحتكام إلى ميزان العدل؛ حيث ينتظر الجميع النظر للبث في تهم ثقيلة يظن المتتبعون للشأن المحلي انها ثابتة في من تسبب فيها.
فما معنى أن أُوظف القرابة والأسرة في زيارات على عامل هنا وعاملة هناك وأقوم بزيارات لهذا المنزل او ذاك وأتواصل واتسابيا وهاتفيا مع ذاك، ترغيبا تارة وترهيبا تارات أخرى مستخدما أنجس الأوصاف وأكذبها للضغط على الحلقة الأضعف للتنازل عما اقتنعت به ذاتيا ومارست حقها القانوني في الاحتكام للقضاء لرد الاعتبار؛ وما تفسير من تم اقحامه/ها في مجمع لم يكن حاضرا فيه وتم توظيف معطياته الشخصية لأهداف غير قانونية، وبعدها يتم التواصل معه/ها لأجل الاستقالة والتنازل عن حقوقه/ها وما تفسير وما تفسير وما تفسير …الخ
وبدل التعقل واتباع صوت الحكمة في طي الملف، نجد الكبير وتلميذه المدلل يصبون النار على الزيت راغبين في نقل المعركة خارج الإقليم ،لكن المعركة الحقيقية هي اخلاقية بالدرجة الاولى و ليست قانونية حيث تبقى الاخلاق هي سبيل المناضلين الحقيقيين.