عاشوراء .. هي العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري، لكن المناسبة تحمل طابعا خاصا وطقوسا مختلفة في المغرب.
عاشوراء هي من المناسبات الدينية والتراثية البارزة في المملكة المغربية. هذه الذكرى المؤثرة تحتفل بها الأمة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وتحمل في طياتها العديد من المعاني الروحية والثقافية. في المغرب، تتجلى هاته المناسبة من خلال مجموعة من الممارسات الدينية والطقوس الشعبية التي تعكس تنوع التراث المغربي وغنى ثقافته.
العبادات والطقوس الدينية
يُعتبر الاحتفال بعاشوراء في المغرب فرصة لتجديد الالتزام الديني والروحي. في هذه المناسبة، يُكثر المسلمون من العبادات والطقوس الدينية المختلفة:
1. الصوم: يصوم المغاربة يوم العاشر من محرم وأحيانًا اليوم الذي قبله وبعده، امتثالًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، “فبحسب رواة الأحاديث”، حين قدِم النبي محمد إلى يثرب (المدينة المنورة)، ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فرحا بنجاة نبيّهم موسى من بطش فرعون وجنوده قال “نحن أحق بموسى منهم”، فصامه هو والصحابة.
2. الصلاة: تقام صلوات إضافية في المساجد والزوايا، مع التركيز على التوبة والاستغفار.
3. المواكب والمسيرات: تنظم مواكب دينية وكرنفال تجوب شوارع بعض المدن.
4. قراءة القرآن والأذكار: يكثر المغاربة من قراءة القرآن الكريم والأدعية والأذكار المتعلقة بعاشوراء.
5. زيارة الأضرحة والمراقد: يزور المؤمنون أضرحة الأولياء والصالحين، طلبًا للبركة والشفاعة.
الطقوس والعادات الشعبية
إلى جانب الممارسات الدينية، يشهد الاحتفال بعاشوراء في المغرب عددًا من الطقوس والعادات الشعبية الملونة والمتنوعة، حيث يقبل الناس على شراء الألعاب والطبول والدفوف للأطفال، ويرددون الأهازيج الشعبية ويحضّرون أطباقا خاصة بهذه المناسبة. أما النساء فيتوقفن عن أشغال البيت وينلن قسطا غير معهود من الراحة.
1. إعداد الحلويات التقليدية: يُعد المغاربة مجموعة من الحلويات والمأكولات الخاصة بهذه المناسبة، ومن الأكلات الشائعة في ذلك اليوم الكسكس المعد بالديالة، وهي ذيل الخروف المحتَفظ به من عيد الأضحى خصيصا لهذه المناسبة. وهناك من يحضر طبخة البركوكش أو الرفيسة بالديالة، وهي أكلات مغربية شبيهة بالكسكس.
2. إشعال النيران: في بعض المناطق، يقوم الناس بإشعال النيران والقفز فوقها، رمزًا للتطهر والتخلص من الذنوب، في بعض المناطق المغربية، وهي من بقايا الوثنية القديمة والمجوسية.
3. الموسيقى والرقص: تنتشر موسيقى الطبول والإيقاعات الحماسية، يصاحبها رقصات شعبية تعبر عن البهجة والفرح، وحسب بعض الأقاويل أنها مرجعية مسيحية “حيث أنه خلال احتلال السواحل المغربية، كان المسيحيون يشترون للأطفال المغاربة الألعاب خلال رأس السنة الميلادية”، فامتدت هذه العادة إلى يوم عاشوراء.
أما عند الشيعة، فالمناسبة تحمل طابع الحزن والحداد على مقتل الإمام الحسين بن علي في مدينة كربلاء بالعراق، ويمتنعون عن تنظيف المنزل والملبس ويتشحون بالسواد.
4. التزيين والزينة: تُزين المنازل والشوارع بالمناديل والأعلام الحمراء، وتُرفع الشعارات والرايات المرتبطة بعاشوراء.
5. تبادل الزيارات والهدايا: يتبادل الناس الزيارات والهدايا فيما بينهم، تعزيزًا للترابط الاجتماعي والتواصل الأسري.
احتفالات عاشوراء في المغرب بين البعد الديني والبعد التراثي
تجمع احتفالات العاشر من محرم في المغرب بين البعد الديني والبعد التراثي، محافظةً على هوية المجتمع المغربي وثقافته الأصيلة. هذه الممارسات المتنوعة تعكس غنى التراث المغربي وتنوعه، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمملكة. من خلال هذه الاحتفالات، يتمكن المغاربة من الحفاظ على روابطهم الإسلامية والاجتماعية، وإحياء ذاكرتهم الجماعية والتعبير عن انتمائهم الوطني.