نقلت مصادر إعلامية أن تدخل عبد الله بوانو في الجلسة العمومية لمناقشة مشروع قانون مالية 2026 لم يكن حدثاً عادياً. إذ كشف عن أرقام وحقائق تمس جوهر الأزمة التي تتخبط فيها، ومنذ سنوات، بعض القطاعات الحيوية.
وقالت المصادر أن بوانو اعتبر أن “الوثيقة المالية الجديدة جاءت بلا روح، بلا رهان، وبلا أثر للبرنامج الحكومي الذي تعهّدت به الأغلبية.. لا توجد أي صلة بين ما وُعد به المواطن قبل سنوات وما يُقدم له اليوم، وكأن الحكومة نفسها قررت أن تفصل مشروعها المالي عن هويتها السياسية..
الأرقام على الورق تُوزَّع بسخاء، أما الواقع فيوزّع شكوكاً أكثر من الثقة”.
ووقف بوانو على ملف القطيع الوطني، حيث اعتبر تلك “الواقعة التي تحولت من مجرد ارتباك تقني إلى رمز سياسي. وزارة الفلاحة أعلنت رقماً، وزارة الداخلية أعلنت رقماً آخر، والفرق كان قفزة من 17 مليون رأس إلى 32 مليون.. هذا ليس اختلافاً، بل فضيحة رقمية تسقط آخر أوراق المصداقية.. فحين تصبح الأرقام لعبة، يصبح الخطاب العمومي مجرد واجهة تتزين وتتهالك في الوقت نفسه”. ولم يتردد في القول إن “الواقعة وحدها كانت كافية لإسقاط حكومة بكاملها لو كانت قواعد المسؤولية تُطبّق بنفس الحزم الذي تُطبّق به لغة البلاغات”.
وفي حديثه عن قطاع الصحة، قال بوانو أن “القطاع الذي لم يعد يُناقش من زاوية المنظومة بل من زاوية الصفقات. مشيراً إلى ما تناقلته “مصادر إعلامية تحدّثت عن صفقة استيراد دواء من الصين لصالح شركة يمتلكها عضو في الحكومة، دواء دخل المستشفيات ثم خرج منها بسرعة لأن لغته الصينية لم تُقرأ كما يجب”. كما أورد معطيات حول “صفقة دواء خاص بعلاج السرطان، دواء يُحتسب في التعويضات بثمن يقارب 4000 درهم، بينما يُشترى في الأصل بما بين 600 و800 درهماً.. مصحة واحدة، وفق المعطيات المتداولة، حققت أرباحاً تقدر بحوالي 40 مليون درهم في أسابيع”.
ثم أوضح بوانو أنه “في سوق الأدوية، الربح سياسة، لكن حين يصبح الربح جزءاً من منظومة الصفقات لا من منظومة الصحة، تتحوّل حياة المريض إلى رقم، والرقم إلى صفقة، والصفقة إلى سؤال سياسي لا يريد أحد الإجابة عنه”.
ثم عاد بوانو إلى سنة 2007، السنة التي دخل فيها رئيس الحكومة الحالي لأول مرة إلى الجهاز التنفيذي، وقال أن
“أربعة عشر عاماً في قطاع واحد تكفي لتفسير الكثير من الأعطاب البنيوية التي تراكمت بصمت…”..
