حين كانت أنظار العالم متجهة نحو هدف مثير للجدل في مونديال 1982 بإسبانيا، كانت عين مغربية واحدة ترى ما هو أبعد من مجرد تسلل… كانت ترى المستقبل وتبتكر حلولًا تكنولوجية سباقة لمواكبة مباريات كرة القدم بأحدث التقنيات .
بدأ السيد عبد الله حجاب رحلته في عالم التكنولوجيا الرياضية انطلاقًا من ملاحظة بسيطة لكنها عميقة. ففي بطولة كأس العالم سنة 1982، تابع الحدث بدقة، وأثار جدلًا مستمرًا حول قرارات التسلل في مباريات كرة القدم، حيث ركز على أهم المشاكل المطروحة في أرضية الملعب. ومن هنا بزغت لديه فكرة تطوير نظام تكنولوجي يُساعد الحكام على اتخاذ قرارات دقيقة وشفافة.
في أواخر التسعينات، بدأ في استخدام تقنية GPS، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل دمج الذكاء الاصطناعي منذ عام 2002 لتطوير نظام متكامل قادر على تحليل المواقع بدقة فائقة تجمع بين التقنية والإتقان. كما عرض ابتكاره لأول مرة على الرابطة المحترفة البلجيكية سنة 2005، التي أبدت إعجابها بالمشروع وشجعته على تقديم النظام للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
ابتكر المخترع المغربي مجموعة من الأنظمة التي تساهم في إحداث ثورة رقمية عالمية تجمع بين الدقة والإتقان، وتسعى إلى بناء منظومة تكنولوجية متكاملة لتنمية المغرب وجعله بلدًا رائدًا في هذا المجال. و فيما يلي أبرز الأنظمة التي يقدمها المخترع المغربي:
_ تكنولوجيا ثلاثية لتعزيز كرة القدم
لم يقتصر السيد عبد الله حجاب على فكرة واحدة، بل طور منظومة متكاملة تضم ثلاثة أنظمة تكنولوجية متقدمة تهدف إلى تحسين أداء اللعب، دقة التحكيم، وصحة اللاعبين من خلال:
_ نظام التحكيم التكنولوجي المبكر يعتمد على تقنيات GPS والذكاء الاصطناعي لمراقبة حركة اللاعبين والكرة بدقة متناهية، للكشف عن حالات التسلل بشكل فوري وموثوق، بدلا من تضييع الوقت والجهد معًا.
_ مركز التوثيق والمعلومات (CDI) يحلل أداء اللاعبين في الوقت الحقيقي، من التمريرات، فقدان الكرة، إلى المسافات المقطوعة، وغيرها من البيانات الحيوية.
_ نظام الوقاية الصحية يرصد المؤشرات الحيوية ويتنبأ بالإصابات والاختلالات الصحية المحتملة بناءً على تحليل البيانات، لحماية صحة اللاعبين من الإصابات المفاجئة أو الأزمات القلبية.
تعد هذه التقنيات جديدة ومبتكرة تهدف إلى تحقيق التنمية ودمج الذكاء الاصطناعي في كرة القدم، خاصة وأن المغرب يستعد لاستضافة حدث بارز وهو كأس العالم 2030، الذي بدوره يتطلب تقديم نسخة استثنائية تفوق توقعات العالم. ولعل الأدمغة المغربية، مثل السيد حجاب، باتت على أتم استعداد لخوض هذه التجربة الأولى من نوعها في كرة القدم، وجعلها سابقة تُحتسب للمغرب في مجال التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
رغم ترحيب الفيفا بالنظام عام 2011، واجه المشروع تعطيلات داخلية وخارجية. ففي بلجيكا، منعت شركات الكرة الرسمية تجريب المشروع لأسباب غير معلنة. أما في المغرب واجه التجاهل بدل الدعم، دون أسباب واضحة. ومع ذلك، استمر السيد حجاب في الاستثمار من ماله الخاص، إيمانًا بقيمة اختراعه وحق بلده فيه أكثر من أي بلد آخر. رغم العروض المغرية التي قُدمت له لبيع اختراعاته، إلا أنه رفضها جميعًا، واختار المغرب ليكون المستفيد الأول، حبًا ومواطنة منه ورغبة قوية للمشاركة في بناء مغرب جديد يتفوق في المجال التكنولوجي وينافس الدول المتقدمة.
تصوب أنظار العالم إلى المغرب في الوقت الراهن، استعدادًا لاحتضان مونديال 2030، إذ لا تقتصر الطموحات على الملاعب فقط، بل تدخل المملكة سباقًا حقيقيًا نحو الريادة الرقمية. ولعل أبرز المشاريع الرائدة في هذا المسار تأتي من المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي ببركان، كمؤسسة تكوينية تسعى لتأهيل مهندسي المستقبل في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتيك وإنترنت الأشياء.
في هذا السياق، يندرج مشروع المخترع عبد الله حجاب، الذي سبق زمنه وابتكر حلولًا ذكية منذ زمن بعيد، ليطرح نفسه اليوم كمرجع عملي ورائد مغربي من الواجب دعمه والاستفادة من خبراته، بدل تهميشها أو التفريط فيها. خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تتطلب تضافر الجهود لتقديم نتيجة مشرفة تليق بالمغرب ملكًا وشعبًا وحكومة، وتحجز مكانها بين الدول المتقدمة التي تجمع بين الحداثة والإبداع، القوة والإتقان.
ومن جانبه، أكد السيد عبد الله حجاب لجريدة المنظور تيفي بريس استعداده التام لخدمة بلده المغرب بالأساس، خاصة في ظل الحدث العالمي المرتقب “كأس العالم 2030″، الذي يتطلب جاهزية تكنولوجية قوية. معتبرًا أن ما تقوم به مدرسة الذكاء الاصطناعي ببركان هو جهد مهم وخطوة موفقة.
وأضاف،”أنا أبدعت في هذا المجال قبل أن يوجد مفهوم الذكاء الاصطناعي، كانت لي رؤية مستقبلية لكن لم يتم دعم مشروعي خارجيًا بحجة أنه سابق لزمنه. بالمقابل، تمت سرقة بعض أفكاري واستخدامها، مما جعلني أؤمن أن بلدي أولى بهذه المشاريع التي أجزم أنها ستحدث فارقًا في تنمية المغرب، من جهة، لأن لدي الكثير من الأنظمة التكنولوجية التي ستخدم جميع المجالات بتقنية عالية الجودة.” كما أكد أن هذه الأنظمة ترتكز على الدقة في الأداء وسرعة تحليل البيانات.
وطالب حجاب بإعطاء الأولوية للكفاءات المغربية، ودعمها حتى لا تغادر أرض الوطن، بل تساهم في بناء مشاريع وطنية واعدة. لأن هناك طاقات هائلة تحتاج إلى الدعم وتشجيعها على تقديم مشاريع وتقنيات قد تقلب موازين التنمية الشاملة للمملكة في وقت قياسي وبكفاءة عالية، بكل جدية وطموح.
فالمغرب يمتلك معادن أغلى من الذهب والبترول، ويزخر بطاقات وأدمغة قادرة على وضع بلده في مصاف الدول المتقدمة.
عندما طرحنا تساؤلًا عن مستقبل المملكة في ميدان الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، أجاب السيد حجاب بثقة: “المغرب قادر على التفوق على دول مثل الصين، اليابان، وكوريا، وغيرهم… لأنني شخصيًا أتوفر على مشاريع سابقة لعصرها، وسأضعها رهن إشارة وطني بكل إخلاص.”
إلى جانب اهتمامه بكرة القدم، طور عبد الله حجاب نظامًا ذكيًا يدعى Dakiya Track & Trace، و يهدف إلى تنظيم قطاع سيارات الأجرة وتحسين أدائها. وهو نظام مغربي 100%، يتيح تتبع الرحلات وإدارتها بفعالية، يضمن سلامة الراكبين من خلال ربط مباشر بين السائق، الزبون، والسلطات. كما يمكنه التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير احتياجاتهم حسب الطلب، حيث ستعمل “داكيا” على حل مشاكل النقل في المغرب من خلال توفير الوقت وتسهيل الحياة اليومية بشكل عام.
تجدر الإشارة إلى أن السيد عبد الله حجاب ليس مخترعًا سابقًا لعصره فحسب، بل هو مثال حي على أن الابتكار المغربي قادر على إحداث فرق إذا تم دعمه. قصته ليست عن كرة القدم فقط، بل عن وطن يستحق أن يُستثمر في أبنائه ويثق في قدراتهم، لأن هناك فعلاً مواهب وأدمغة مغربية في الداخل والخارج تنتظر فقط إرادة حقيقية وتجاوبًا فعليًا مع مشاريعها من خلال دعمها وتحويلها إلى واقع، للمساهمة في قاطرة التنمية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله لبناء مغرب جديد مشرق، متقدم وقوي.
ختامًا، تبقى بعض الأسئلة تطرح نفسها بقوة وهي كالآتي:
هل المغرب سيحتضن طاقاته ويمنحها الدعم والتحفيز؟ أم ستواجه بالتهميش المؤدي إلى الهجرة؟
لماذا لا يتم استقطاب الأدمغة المغربية في الداخل والخارج للمساهمة في التنمية؟
هل هذه المشاريع المتميزة لا تستحق أن تكون محط اهتمام الجهات المعنية؟
مادام المغرب يكثف جهوده لتكوين مهندسين في الذكاء الاصطناعي، لماذا لا يتم الاستعانة بمثل عبد الله حجاب في الريادة الرقمية؟
هل هناك إرادة حقيقية للتنمية؟ أين علاماتها على أرض الواقع؟
هذه التساؤلات تضع أمام المسؤولين والجهات المعنية تحديًا حقيقيًا، يتطلب إجابة واضحة تُظهر إرادة صادقة في تظافر الجهود لتقديم نتائج تغيّر نظرة العالم التقليدية إلى المغرب، وتجعل من حدث كأس العالم بداية مرحلة جديدة، وقفة نوعية لشق طريق التقدم والتميز نحو العالمية في جميع المجالات، وتحقيق الريادة الشاملة من خلال دعم الاختراعات والبحث العلمي والتقني، واستعمال أحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي.