مع حلول الذكرى السادسة و العشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، يوم 30 يوليوز الجاري، يقف الشعب المغربي، وقفة إجلال وإكبار لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مستحضرا التحولات الإيجابية المشهودة والخطوات الجبارة التي حققتها المملكة خلال العقدين الأخيرين، واليقين يحذوه بأن تبوأ هذه المكانة الرفيعة لم يكن ليتحول إلى حقيقة من دون آصرة قوية بين العرش والشعب، تجسدها رابطة البيعة.
إن هذه الذكرى فرصة حميدة تبرز من خلالها العلاقة الروحية والآصرة الدينية التي جعلت عاهل البلاد ملكا، يجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية بلا منازع، مما جعل جلالته يرسي في مملكته السعيدة قواعد الشورى والعدالة القائمة على الملكية الدستورية، وحقق للبلاد مستوى عاليا من التطور والرقي علميا وثقافيا وعمرانيا واقتصاديا وسياسيا.
إن العرش العلوي المجيد كان دائما وباستمرار مركز الإلهام والقيادة، معبرا أمينا عن أحاسيسها وشعورها، منفذا لآمالها، وتطلعاتها ورغباته فاحتفالنا نحن المغاربة بعيد العرش السعيد، إنما هو احتفال بعيد وطني خالد مَنَّ الله به على هذه الأمة منذ قرون وقرون، ومن خلال المراحل المعيشة نقف على ماهية الروابط بين العرش العلوي والشعب المغربي، وندرك بالتالي البعد التاريخي والحضاري لهذه العلاقة القويمة، فما قامت الدولة في أرض المغرب إلا على أساس العرش، وكل ما حققه الشعب من أمجاد وانتصارات، ومن إنجازات ومكاسب فإن ذلك، كله إنما تم في ظل العرش المجاهد الصامد في وجه مختلف التحديات والمواجهات ماضيا وحاضرا ومستقبلا..
ولذا، فالاحتفال بهذا العيد إنما هو تعبير بين الدلالة على مدى عمق الروابط الأصيلة لشعبنا، وعلى تشبثه الدائم برمز وحدته وسيادته، ومحور مساعيه الحضارية والتاريخية حتى يبقى العرش مصدر إشعاع ونفوذ عقديا وعلميا وحضاريا…
و تعد هذه المناسبة فرصة لاستحضار ما تحقق من مكتسبات حيث عرف المغرب، في ظل قيادة الملك محمد السادس تطورا ملحوظا في جل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما بوّأ المغرب مكانة محورية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وبالتالي فإن مسيرة الإصلاح التي يقودها عاهل البلاد، هي معركة تغيير مستمرة من أجل تحقيق الأفضل ومواجهة التحديات في عالم حافل بالمتغيرات، لقد استطاعت بلادنا أن تشق الطريق باستمرار وانتظام لتخطو خطوات حثيثة على درب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جعلت من المغرب استثناء فريدا على المستوى الإقليمي والجهوي.
لقد شهدت المملكة في ظل القيادة الرشيدة لملك البلاد سلسلة مترابطة من الأوراش التنموية المستدامة، شملت مختلف المجالات والقطاعات بالدولة، وشكلت هندسة اجتماعية تضامنية شاملة الرؤى تتوخى في جوهرها جعل المواطن ضمن الأولوية الكبرى في مسلسل الإصلاح الشامل، والهدف الأساسي للنهوض بالعنصر البشري ببلادنا، ترسخت من خلالها مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي، برؤية ملكية تضامنية للمجال الاجتماعي والاقتصادي حيث اعتمدت أحدث النظم والأساليب التدبيرية، وذلك من خلال وضع أهداف واضحة تتسم بالانسجام والفعالية والنجاعة والملائمة مع القدرة على التأثير وتحديد دقيق للمؤشرات كل ذلك وفق آلية الحكامة المجالية، واستطاع المغرب بفضل الرؤية السديدة لملك البلاد، أن ينال احترام المجتمع الدولي بفضل سياسته الخارجية المتوازنة والمبنية على الدفاع عن القضايا والمصالح الوطنية، وعلى نهج التعاون والتضامن، والمساهمة في حل النزاعات وتحقيق السلم والأمن الدوليين.
ويظل عيد العرش على الدوام تجسيدا للرباط القوي الذي يربط بين العرش والشعب على مر التاريخ…
* باحث في الإعلام و الدبلوماسية الدينية