العربية.ما alaarabiya.ma

فضيحة عقارية تهز تطوان: مافيا العقار تستولي على أراضي الدولة والخواص بوثائق مزورة

alt=
العربية.ما: الرباط

تشهد مدينة تطوان شمال المغرب فضيحة عقارية جديدة تتعلق باستيلاء غير قانوني على أراضٍ تابعة للدولة وأخرى مملوكة لأشخاصٍ من قبل ما يُعرف بمافيا العقار. هذه الفضيحة أُثيرت بعد تحرك المرصد المغربي لحقوق الإنسان، الذي أصدر بيانًا شديد اللهجة محذرًا من خطورة هذه الظاهرة المتزايدة التي تهدد الاستقرار العقاري والملكية في المدينة.

 تفاصيل الفضيحة

تتمثل الفضيحة في تورط جهات متعددة، تشمل منتخبين ومسؤولين حكوميين، إضافة إلى موظفين عموميين وموثقين، في عمليات تزوير وثائق رسمية بهدف الاستيلاء على عقارات الدولة وخواص المواطنين. هؤلاء الأشخاص، بحسب المرصد، استخدموا نفوذهم لتجاوز القوانين واستغلال ثغرات قانونية ومؤسساتية، ما أدى إلى انتهاك حقوق الملكية بشكل صارخ.

وقد عبّر المرصد المغربي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ من هذه الممارسات التي أصبحت تتفشى بشكلٍ ملفت في المدينة، خاصة في ظل ما وصفه بالتواطؤ أوالإهمال من قبل بعض الجهات الرسمية. وأشار المرصد إلى أن العديد من الممتلكات قد تم السطو عليها باستخدام وثائق مزورة، وهي جريمة تستدعي تدخلاً عاجلاً وحازمًا من قبل السلطات المعنية لوضع حدٍ لهذه الانتهاكات التي تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المدينة.

 الشكاوى المرفوعة ورد النيابة العامة

في محاولةٍ لوضع حد لهذه التجاوزات، قام المرصد بتقديم شكاوى متعددة إلى وكيل الملك في مدينة تطوان، مدعومة بأدلة ومستندات تُثبت وقوع عمليات التزوير. ومع ذلك، جاء رد النيابة العامة مخيباً للآمال، حيث قررت حفظ الملف بدعوى “عدم كفاية الأدلة”. وأثار هذا القرار غضب المرصد المغربي لحقوق الإنسان، الذي رأى فيه انعكاساً للخلل المؤسساتي والتهاون في مواجهة مافيا العقار.

 تصعيد الموقف: نقل القضية إلى الرباط

نتيجةً لعدم تحقيق أي تقدم في تطوان، قرر المرصد المغربي لحقوق الإنسان تصعيد الموقف ونقل القضية إلى النيابة العامة في العاصمة الرباط. وقد طالب المرصد في بيانه بضرورة اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لحماية حقوق الملكية في تطوان، مؤكداً على أهمية محاسبة المتورطين في هذه الجرائم واتخاذ خطوات قانونية صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.

ويعتبر هذا التحرك خطوة مهمة، لا سيما أن مدينة تطوان تُعد إحدى المدن المغربية التي تواجه تحديات كبيرة في مجال العقارات، حيث أصبحت ظاهرة تزوير الوثائق العقارية والاستيلاء غير المشروع على الأراضي تهدد استقرار السوق العقاري فيها، وهو ما يُثير قلق المواطنين والمستثمرين على حدٍ سواء.

 الدعوات إلى الإصلاح

وفي ظل هذه التطورات، تعالت أصوات من المجتمع المدني وبعض الخبراء القانونيين بضرورة إصلاح المنظومة العقارية والقانونية في المغرب، وخاصةً في مدينة تطوان. دعا البعض إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على المعاملات العقارية وإعادة النظر في دور الموثقين والمسؤولين الحكوميين، لضمان عدم استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة.

كما أشار آخرون إلى ضرورة تعزيز الإطار القانوني لحماية حقوق الملكية، من خلال تعديل القوانين العقارية وإدخال تشريعات جديدة تُغلق الثغرات التي تستغلها مافيا العقار. أيضاً، تم التأكيد على أهمية دعم الشفافية والمساءلة في المؤسسات الرسمية، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي في المدينة.

كما تشكل فضيحة الاستيلاء على العقارات في تطوان مثالاً واضحاً على التحديات التي تواجه المدن المغربية في مجال إدارة العقارات وحماية حقوق الملكية. كما تُسلط هذه الفضيحة الضوء على أهمية تفعيل دور المؤسسات الرسمية في مراقبة وتنظيم السوق العقاري، وضرورة التصدي لأي تلاعب أواستغلال للقانون لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

ومن المتوقع أن تشهد هذه القضية تطورات جديدة، خاصة بعد نقلها إلى النيابة العامة في الرباط، حيث يتطلع الجميع إلى تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين، لضمان حماية حقوق الملكية في المدينة وإعادة الثقة إلى السوق العقاري الذي أصبح مهدداً بسبب هذه الممارسات غير القانونية.

قراءة قانونية في التجاوزات والعقوبات

تُثير فضيحة الاستيلاء على عقارات الدولة والخواص في مدينة تطوان عدة تساؤلات قانونية تتعلق بتورط منتخبين، موثقين، وموظفين عموميين في تزوير وثائق رسمية بغرض السطو على الممتلكات. بناءً على القوانين المغربية المنظمة للعقارات والجرائم المتعلقة بها، ويمكن تقسيم هذه القضية إلى عدة مخالفات قانونية خطيرة تستوجب المتابعة القضائية والجنائية.

 الفصل الأول: تزوير الوثائق الرسمية

تعتبر جريمة تزوير الوثائق الرسمية من الجرائم الخطيرة في القانون الجنائي المغربي، وقد تم تنظيمها بموجب الفصل 351 من القانون الجنائي. وينص هذا الفصل على أن “كل من زوّر وثائق عمومية أومحررات رسمية أوقدم وثائق مزورة على أنها أصلية يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات”. إذاً، في حال تورط منتخبين أوموثقين في هذه العمليات، فإنهم يواجهون عقوبات تتراوح بين السجن والغرامة.

وبناءً على هذا الفصل، فإن أي تزوير للوثائق العقارية، سواء كان ذلك في شكل تحريف أوتلاعب بالمعلومات، يؤدي إلى تجريم المتورطين، سواء كانوا موثقين أوموظفين عموميين. التزوير في الوثائق الرسمية يعتبر خطراً على الأمن العقاري ويؤدي إلى تفاقم مشكلة الاستيلاء على ممتلكات الغير.

 الفصل الثاني: الاستيلاء على العقارات بغير حق

يشير الفصل 570 من القانون الجنائي المغربي إلى جريمة الاستيلاء على عقارات الغير بغير حق. وينص هذا الفصل على أن “كل من استولى على عقار مملوك للغير عن طريق التدليس أو الاحتيال يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات”. هذا الفصل يشمل أي شخص استولى على ممتلكات دون وجه حق، سواء كان ذلك باستخدام وثائق مزورة أوعبر الضغط السياسي أوالإداري.

وإذا كان الاستيلاء على العقارات قد تم باستخدام تزوير، فإن العقوبة قد تُشدّد، حيث يتم التعامل مع هذا الفعل كجريمة مزدوجة، تجمع بين التزوير والاحتيال. في هذه الحالة، قد تصل العقوبة إلى السجن لمدة أطول مع فرض غرامات مالية كبيرة على المتورطين.

 الفصل الثالث: إساءة استعمال السلطة والتواطؤ

في حالة تورط المنتخبين أوالموظفين العموميين في تسهيل أوالتغطية على هذه الجرائم، فإنهم يخضعون للفصل 248 من القانون الجنائي المغربي المتعلق بإساءة استعمال السلطة، والذي ينص على أن “كل موظف عمومي استغل منصبه لتحقيق مصلحة شخصية أومصلحة الغير يعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات، مع إمكانية تطبيق غرامة مالية تتراوح بين 5,000 إلى 100,000 درهم”.

وإذا ثبت أن المنتخبين أوالموظفين العموميين ساهموا في تسهيل عمليات الاستيلاء على العقارات من خلال إساءة استعمال سلطتهم أوالتواطؤ مع الأطراف المتورطة، فإنهم يُعتبرون جزءاً من هذه الجريمة، ويخضعون للعقوبات نفسها المنصوص عليها في هذا الفصل.

الفصل الرابع: المسؤولية المدنية وإعادة الحقوق

بموجب القانون المغربي، فإن حقوق الملكية محمية دستورياً وقانونياً. حيث يشير الفصل 30 من قانون التحفيظ العقاري (ظهير 12 غشت 1913) إلى حماية الملكية العقارية المسجلة لدى إدارة التحفيظ العقاري. لذلك، فإن أي عملية تزوير في وثائق الملكية أوالاستيلاء غير المشروع على عقارات الدولة أوالخواص تُعد باطلة قانوناً. ويترتب على ذلك بطلان كل الإجراءات التي ترتكز على الوثائق المزورة.

وفي هذا السياق، يحق لأصحاب العقارات المتضررين من هذه التجاوزات رفع دعاوى مدنية لاسترداد ممتلكاتهم، مع إمكانية المطالبة بتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الاستيلاء على عقاراتهم.

الفصل الخامس: دور النيابة العامة وإجراءات المتابعة

بناءً على الفصول القانونية المذكورة، فإن النيابة العامة تلعب دوراً محورياً في التصدي لهذه التجاوزات. إذ يجب عليها التحقيق في شكاوى المواطنين والمرصد المغربي لحقوق الإنسان التي تم تقديمها، واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المتورطين. وفي حال عدم كفاية الأدلة في البداية، يمكن للنيابة العامة في الرباط، بناءً على نقل القضية إليها، أن تفتح تحقيقًا أكثر شمولاً باستخدام الآليات القانونية المناسبة، بما في ذلك استدعاء الشهود، فحص الوثائق، والاعتماد على خبراء التوثيق وتطبيق القانون لضمان حقوق الملكية

وتُظهر فضيحة الاستيلاء على عقارات الدولة والخواص في تطوان أهمية التطبيق الصارم للقوانين المغربية المتعلقة بحماية العقارات ومكافحة التزوير. حيث بوجود إطار قانوني واضح وصارم، يمكن للدولة التصدي لهذه الممارسات، بشرط أن يتم تفعيل القوانين بشكل عادل وشفاف، مع محاسبة جميع الأطراف المتورطة، سواء كانوا مسؤولين حكوميين، منتخبين، أوموثقين.

المصدرالعربية.ما -بيان المرصد
Exit mobile version