استنفرت محاولات الهجرة غير النظامية المكثفة بجزر الكناري الحكومة المحلية، التي دعت “قصر المونكلوا” إلى تعزيز وسائل المراقبة بالسواحل الجنوبية المغربية؛ على غرار المجهودات المبذولة لمحاربة شبكات الاتجار بالبشر في السواحل الشمالية.
وشددت السلطات الإسبانية والمغربية، خلال الأشهر الماضية، من إجراءات المراقبة الأمنية في كل من سبتة ومليلية؛ ما دفع شبكات الاتجار بالبشر إلى نقل نشاطها نحو السواحل الجنوبية بالمحيط الأطلسي، الأمر الذي جعل جزر الكناري تستقبل مئات المرشحين للهجرة في الأسابيع المنصرمة.
ومما فاقم من الوضعية الأمنية المرتبطة بالهجرة في جزر الكناري تصاعد محاولات الهجرة غير النظامية من دول إفريقيا جنوب الصحراء والساحل الإفريقي بسبب المعضلات الأمنية بهذه المنطقة المتوترة؛ ما يدفع المهاجرين إلى العبور من المغرب وموريتانيا باتجاه جزر الديار الإسبانية.
في هذا الصدد، قال حسن العماري، رئيس جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، إن “تكثيف المراقبة الأمنية بالسواحل الشمالية دفع المهاجرين غير النظاميين إلى البحث عن مسار آخر للوصول إلى الضفة الأوروبية”.
وأضاف العماري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “شبكات الهجرة غير النظامية كثفت من أنشطتها غير القانونية بالسواحل الجنوبية باتجاه جزر الكناري، اعتبارا لشساعة الفضاء البحري الذي يتيح الهجرة من مناطق مختلفة”.
وأوضح الحقوقي عينه أن “الهجرة لا تقتصر فقط على المغاربة، وإنما تشمل أيضا المهاجرين الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء، لأن جزر الكناري قريبة من الحدود الموريتانية-المغربية؛ ما يشجعهم على المغامرة بأرواحهم”.
من جانبه، اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، خبير في شؤون الهجرة، أن “الظروف الاقتصادية الصعبة التي دفعت المهاجرين إلى اتخاذ هذا القرار الصعب، خاصة في ظل تفاقم التغيرات المناخية بالبلدان التقليدية المصدرة للهجرة”.
وأردف الفاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تداعيات ما بعد الجائحة وانعكاسات الأزمة الروسية-الأوكرانية فاقمت الأوضاع الاقتصادية الصعبة بالمنطقة؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية”.
ولفت الخبير في شؤون الهجرة إلى أن “الهجرة كانت، خلال العقود الماضية، وسيلة للترقي الاجتماعي في شمال إفريقيا؛ لكنها أصبحت ذات طابع اقتصادي في السنوات الأخيرة بسبب التضخم الاقتصادي، بينما يعود سببها الرئيسي بدول إفريقيا جنوب الصحراء إلى المشكلات الأمنية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى “الاضطراب الأمني القائم ببوركينافاسو والنيجر ومالي ونيجيريا والتشاد والصومال والسودان وغيرها؛ الأمر الذي جعل من الهجرة دافعا موضوعيا لتحسين الوضعية الاجتماعية والبحث عن الاستقرار”، مشددا على أن “مؤتمر روما أحيى مشروع مارشال، الذي يستهدف الدول المصدرة للهجرة”.