استضاف الماستر المتخصص في مهن الإعلام والصناعة الثقافية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة إبن طفيل بالقنيطرة، شخصيات إعلامية في لقاء مفتوح حول “الإعلام الأمازيغي بالمغرب: رهانات وتحديات”، نُظم يوم السبت 18 يناير 2025، بمناسبة الإحتفال بالسنة الأمازيغية 2975.
وقد أشرف على تسيير جلسة هذا اللقاء ذ.عمر إسرى، أستاذ مادة “البروباغندا وصناعة الرأي العام”، الذي رحب بالضيفين؛ الدكتورة لطيفة سبأ؛ رئيسة مصلحة بمديرية الإنتاج بالإذاعة الوطنية، والأستاذ محمد ماماد؛ باحث في الإعلام الأمازيغي ومدير سابق للقناة الأمازيغية.
وبداية قدم الأستاذ محمد مماد نظرة تاريخية لمسار تطور التلفزة المغربية عموما، والتلفزة الأمازيغية خصوصاً، وتطرق إلى السياقات التاريخية والظروف الاجتماعية والسياسية التي كانت وراء بروز الإعلام الأمازيغي وتطوره..، انطلاقا من الخطاب الملكي بأجدير بتاريخ 17 أكتوبر 2001، والنقاش حول ضرورة خلق قناة أمازيغية عامة خلال دجنبر 2009 وما تلاه من قرار حسَم في أمرها (1 يناير 2010)، إلى أن تم إحداثها فعليا بتاريخ 4 مارس 2010. حيث اقتصر عمل طاقمها، في البداية، على الدبلجة والسوتيتراج وتيفيناغ، لتقديم برامج كانت تبث لمدة 6 ساعات يوميا (من الإثنين إلى الجمعة وفي بعض المناسبات السبت والأحد)، ثم من 6 ساعات إلى 20 ساعة و21 ساعة خلال شهر رمضان.
ودعا الأستاذ مماد إلى أهمية التقييم العام للإعلام بالمغرب ولتجارب القنوات التلفزية العمومية عامة والأمازيغية خاصة، معتبرا الإعلام قطاع استراتيجي يجب الاستثمار فيه بشكل جدي وكبير، مع تغيير الهيكلة لضمان مردوديته، متمنيا أن يأخذ القطب العمومي الجديد (المنتظر) بعين الاعتبار نواقص التجارب الإعلامية الراهنة.
ومن جهتها، استهلت الدكتورة لطيفة سبأ مداخلتها بالحديث عن الحق في المعلومة، انطلاقا من مرجعيات المواثيق الدولية والقوانين الوطنية. وعرجت على محطات تاريخية؛ من قبيل المناظرة الوطنية حول الإعلام لعام 1992، وما تلاها من انفتاح إعلامي، وتحرير قطاع السمعي البصري عام 2003 (القانون 77.03)، وخلق شركة إعلامية وطنية تهتم بصناعة مشاريع (Appel d’offre)، مما أغنى التنوع الثقافي، كحق من الحقوق التي تطالب بها مجموعات “الحقوق الثقافية واللغوية”.
وأكدت الدكتورة سبأ على أهمية الإعلام كقاطرة للبناء الثقافي والمعرفي، وما يتضمنه هذا البناء من انفتاح وتنوع على كل مكونات المجتمع المغربي..، وفيما يخص البرامج الإعلامية الأمازيغية، أشارت الدكتورة إلى غياب النقاش السياسي وطغيان الثقافة والفن، وغياب الترجمة الأمازيغية في البرلمان، رغم صدور قوانين أهمها دسترة الأمازيغية مع دستور 2011، ووجود قوانين تنظيمية (مثل 26.16 قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في التعليم والمجالات المرتبطة، و04.04 قانون المجلس الوطني للغات..).
وتفاعلا مع مداخلتي الضيفين، فتح الأستاذ عمر إسرى باب النقاش أمام الطلبة والطالبات، ومن جملة ما ورد؛ تسجيل ضعف تدخل الحكومة ونقص كبير في مسؤولية الأحزاب السياسية في التعاطي مع تنزيل الأمازيغية مقابل الحضور القوي للإرادة الملكية، إذ تبقى برامج الأحزاب مناسباتية (الانتخابات) وضبابية، رغم التطور السياسي والمؤسساتي الموازي لبناء الدولة الديمقراطية التي تقتضي اعتبار خصوصيات المجتمع وفسيفساءه الثقافي واللغوي. مع الإشارة إلى كون الإعلام استطاع تنزيل الأمازيغية عبر القناة الأمازيغية العامة (ليست موضوعاتية)، وإنتاج العديد من الأعمال باجتهاد طواقمها وبإمكانيات مادية ولوجستيكية قليلة مقارنة بالحصيلة..
واختتم اللقاء بحفل شاي على شرف الضيوف، وبحضور السيد عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية وطاقمه الإداري، الذين قدموا أطيب التمنيات لطلبة وطالبات الماستر بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة