مافيا العقار تسقط بفاس.. حين تباع أراضي الدولة بتواطؤ الإدارات والقانون

مافيا العقار تسقط بفاس.. حين تباع أراضي الدولة بتواطؤ الإدارات والقانون
متابعة .. محمد شيوي

مافيا العقار تسقط .. فضيحة تهز الرأي العام وتكشف ثغرات خطيرة في حماية أملاك المغاربة

من خلال ملف مافيا العقار بفاس، وفي ضربة أمنية حاسمة، تمكنت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالمدينة من تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في السطو على عقارات الدولة، بعد سلسلة من التحريات الدقيقة التي كشفت عن خيوط مؤامرة معقدة نسجت بذكاء، وبتواطؤ جهات من داخل الإدارات العمومية نفسها.

مافيا مدروسة الأدوار، استغلت هشاشة الرقابة وثغرات القانون، لتنهب عقارات الدولة عبر أساليب تمويه خطيرة، مستعملة أسماء أشخاص بسطاء لا دراية لهم بالقوانين ولا بالإجراءات العقارية، حيث كانت تسجل الأراضي بأسمائهم مؤقتًا، قبل أن يعاد بيعها بأثمنة باهظة لفائدة الشبكة، وسط غطاء قانوني مزيف.

التحقيقات قادت إلى اعتقال عدد من الموظفين بعدة إدارات عمومية، إضافة إلى موثق شهير ومحامية تولت تنفيذ مهام قضائية مشبوهة، ضمن سيناريو مدروس لطمس الحقائق.

وبتعليمات صارمة من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، تم اتخاذ إجراءات استثنائية، من بينها:

وكشفت الأبحاث أن العقل المدبر، المدعو “محمد.ب”، كان يتوفر على سيولة مالية ضخمة، يوظفها في تسديد ديون بعض العقارات المثقلة، وينقل ملكيتها شكليا لأسماء مستعارة، قبل أن يعيد شراءها نقدا، في صفقات ظاهرها قانوني وباطنها احتيالي.

أما الموثق “م.ه.ح”، فقد استغل خبرته الطويلة منذ سنة 2000، لصياغة عقود بيع وهمية غير مدرجة في السجلات الرسمية، أو تم إدراجها في سجلات غير مؤشر عليها من طرف رئيس المحكمة الابتدائية بفاس، وهو ما يضرب في عمق مصداقية وثيقة التوثيق نفسها.

والمثير في هذا الملف أن كل المعاملات الموثقة كانت تتحدث عن أداء فوري أمام الموثق، عبر شيكات بنكية، بينما أظهرت التحريات أن زعيم الشبكة لم يكن يتوفر أصلًا على حساب في الوكالة البنكية المذكورة، واعترف بأنه كان يؤدي المبالغ نقدًا، بعد توقيع العقود، في خرق واضح لقانون التوثيق.

ولم تتوقف الحيلة عند ذلك، بل لجأت الشبكة إلى رفع دعاوى وهمية ضد إدارة الضرائب، باسم الأشخاص المسجلة بأسمائهم العقارات، في محاولة لكسب الوقت حتى تسقط العقارات بالتقادم القانوني، وإخفاء أي علاقة مباشرة بين المالك الوهمي وزعيم الشبكة. وكانت محامية ضمن المشتبه فيهم تتكفل بهذه الدعاوى.

هذه الفضيحة غير المسبوقة أعادت إلى الواجهة أسئلة مقلقة حول حماية أملاك الدولة من العبث، ودور الموثقين والإدارات في منع مثل هذه الشبكات من التغلغل في أعماق الإدارة المغربية.

الرأي العام اليوم يطالب بمحاسبة صارمة لكل المتورطين، وبإعادة النظر في منظومة التوثيق العقاري، وتعزيز آليات الرقابة الداخلية داخل مؤسسات الدولة، حماية لحقوق المغاربة، وردعًا لمافيات العقار التي باتت تشتغل تحت مظلة القانون، وأحيانا باسمه.

Exit mobile version