أنهت هيأة الحكم بمحكمة الاستئناف بالجديدة قضية فلاح يبلغ 70 سنة، عرض ابنه (45 سنة) للضرب حد الموت في شهر رمضان الأخير، واقتنعت الهيأة بأن عنصر الاستفزاز متوفر في هذه الجريمة التي اهتز لها دوار أولاد سعيد بتراب جماعة بني هلال في يوم ثاني أبريل الماضي.
وبعد المداولة متعته الهيأة القضائية بحقه في العذر المخفض للعقوبة في مثل هذه الجنايات طبقا للفصل 416 من القانون الجنائي وحكمت عليه بسنة واحدة حبسا نافذا وعلى زوجته بشهرين حبسا موقوف التنفيذ.
وفي التفاصيل احتضنت القاعة رقم 1 بالمحكمة سالفة الذكر، هذه المحاكمة المثيرة لوالد طاعن في السن، فقد أعصابه في لحظة غضب وسدد ضربات متتالية بعصا حادة، إلى رأس ابنه، كانت كافية لإزهاق روحه.
كان حكي الوالد لما وقع في ذلك اليوم المشؤوم، موقظا للمواجع، لأنه بدا فعلا نادما على ما اقترفت يداه، وهو الذي ظل يردد لدى درك سيدي بنور لحظة الاستماع إليه تمهيديا، بأنه لم يكن أبدا ينوي قتله، وهو ما نسج على منواله دفاعه الذي لفت انتباه هيأة الحكم، أنها اليوم أمام قضية بعنوان كبير “المأساة» لأن الابن في المقبرة والوالد في السجن.
وبعد أن ذكر بأن الماثل أمامها أب طاعن في السن وبدون سوابق، وجد نفسه وقد جر جرا إلى هذه الجريمة التي لم يخطط لها أبدا، وطلب من المحكمة أن تعتبر عنصر الاستفزاز متوفرا في هذه القضية، لأن الضحية هو من رشق والده وعنفه وأحكم الخناق على رقبته.
وشدد الدفاع على أن من حق موكله أن يستفيد من حقه المكفول قانونيا، وهو تمتيعه بما ينص عليه الفصل416 من القانون الجنائي، وهو فصل مخفض للعقوبة، إذ حددها من سنة إلى خمس سنوات في مثل هذه الجرائم، كما أن الدفاع ذاته طالب بإعمال الفصل 423 من القانون سالف الذكر الذي يمنح المحكمة صلاحية تمتيعه بظروف التخفيف لانعدام سوابقه.
وأفاد الوالد بأن ابنه الهالك سبق له أن أمضى عقوبة حبسية مدتها 17 سنة، لقتله زوج أخته وأنه لما خرج من السجن منذ ثلاث سنوات أصيب بمرض نفسي وأنه يداوم على أخذ أدوية مسكنة، وأنه أضحى عدوانيا وكثيرا ما قام بسبه وتعنيفه، وأنه في يوم الواقعة طلب منه تناول دوائه كالمعتاد، لكنه رفض.
وأضاف الأب المتهم أنه “بعد رفضه تناول دوائه عنفني ثم لاحقني، وهي اللحظة التي تسلحت فيها بعصا ذات رأس حاد، ووجهت له بها ضربات متتالية على رأسه وفي أنحاء أخرى من جسده. ولما سقط أرضا في دمائه حملته بمساعدة والدته إلى الإسطبل، وغسلنا دماءه وأخفيت ثيابه في كيس بلاستيكي مع العصا أداة الجريمة، وكنت أتفقد الهالك في كل لحظة وفي السحور تأكدت أنه فارق الحياة».
وأورد المتهم “على خلفية ذلك أخفيت الحقيقة وأدليت للدرك بتصريحات كاذبة أن غرباء هم من اعتدوا عليه، قبل أن تسفر حملة تمشيطية منهم بأرجاء المنزل والإسطبل، عن العثور على الكيس والعصا بها آثار دم، وهو ما جعلني أنهار وأعترف بتفاصيل قتلي لفلذة كبدي”.