مدرسة الدراسات العليا الاقتصادية والهندسية تشعل شرارة ثورة الإدارة المعززة…
في صباح مليء بنبض المستقبل، احتضن مركز المؤتمرات بجامعة القاضي عياض بمراكش، يوم الخميس 13 نونبر الجاري، فعاليات الدورة الجديدة من اللقاءات العلمية للتسيير RSM’25 التي تنظمها مدرسة الدراسات العليا الاقتصادية والتجارية والهندسية “HEEC” بشراكة مع جامعة القاضي عياض بمراكش، تحت شعار يلامس جوهر التحولات الكبرى في عالم الأعمال:
“من الإدارة القائمة على البيانات إلى الإدارة المعززة: آفاق جديدة للمديرين والمنظمات“.
شهد الحدث حضور لجنة شرفية مرموقة ضمت أسماء أكاديمية بارزة:
- البروفيسور بوغادير بلعيد – رئيس جامعة القاضي عياض.
- البروفيسور مولاي أحمد العمراني – رئيس مجموعة HEEC.
- البروفيسورة جميلة العلمي – مديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني.
- البروفيسور جوزيف مايلا – رئيس كلية العلوم الاجتماعية والاقتصادية بباريس.
- البروفيسور فؤاد الشافقي – الكاتب العام للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
كما عرف الملتقى حضورا كبيرا للطلبة والباحثين وفعاليات ثقافية وضيوف شرف، في مشهد عكس تعطش الأوساط العلمية والنخبوية لقراءة التحولات العميقة التي تعيد صياغة مهن الإدارة.
شهد اليوم الأول للندوة مداخلات في صلب الموضوع من طرف أساتذة باحثين حللوا العلاقة العضوية لآليات الذكاء الاصطناعي والقرارات التي تؤخذ من طرف مسيري المنظمات والشركات. تزامنا مع هذه المداخلات، تم تكوين الطلبة في سلك الدكتوراه في مجال شروط البحث العلمي وإمكانيات النشر في المجلات العلمية المتميزة.
أما اليوم الثاني فقد عرف عروض الطلبة الدكاترة لأبحاثهم أمام لجنة خبراء لتقييم أعمالهم وإعطائهم توجيهات حول تحسين جودة بحثهم، مما يعكس البعد التكويني والبحثي الذي يميز لقاء RSM’25.
كشفت مداخلات الخبراء أن زمن القرارات المبنية على الحدس والخبرة الشخصية أصبح من الماضي. اليوم، تفرض البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي نوعاً جديداً من القيادة. لم يعد المدير مطالباً فقط بفهم الأرقام، بل بفهم كيف تفكر الخوارزميات وكيف يمكن لذكائه البشري أن يتكامل مع قدرات الآلة الهائلة في التحليل والتوقع… إنها ثورة منهجية تعيد تعريف علاقة الإنسان بالآلة داخل منظومات العمل. فالذكاء الاصطناعي أصبح شريكا استراتيجيا لا يمكن تجاهله، ومن يقف في وجه هذا التحول يضع مؤسسته في منطقة الخطر والتأخر عن الركب العالمي المتسارع.
أجمع المتدخلون على أن التكنولوجيا في حد ذاتها ليست التحدي الأكبر، بل إن مقاومة التغيير، وغياب رؤية أخلاقية واضحة هما الخطر الحقيقي. وهنا تبدأ الأسئلة الصعبة:
- كيف نضمن شفافية القرارات التي تنتجها الخوارزميات؟
- كيف نحمي البيانات في عصر تتسع فيه مخاطر الأمن السيبراني؟
- وما مصير الوظائف التقليدية في ظل الأتمتة المتسارعة؟
المدير اليوم ليس قائدا لفريق بشري فقط، بل قائد لفريق هجين يجمع بين البشر والآلات، ما يستدعي مهارات جديدة وجرأة في إعادة النظر في الأدوار التقليدية.
يدعو ملتقى RSM’25 المؤسسات والجامعات إلى الدخول السريع في مرحلة التحول العميق:
- الجامعات مطالبة بتكوين جيل جديد من المديرين قادر على قيادة أنظمة ذكية.
- المنظمات مطالبة بإعادة هندسة ثقافتها قبل الاستثمار في التقنيات.
إنها مصير عالمي يعيد رسم حدود الوظائف وطرق التسيير وسلوك الأسواق.
فالرسالة الأخيرة: المستقبل يبدأ الآن، إذا لم نشارك في صياغة هذه الثورة، فسنجد أنفسنا على هامشها، محكومين بذكاء الآخرين.
اللقاءات العلمية للتسيير بمراكش ليست مجرد حدث أكاديمي، بل منصة انطلاق نحو قيادة رقمية مسؤولة، تضع الأخلاق والإنسان في قلب التحول التكنولوجي.
ثورة الإدارة المعززة انطلقت… ويبقى السؤال: هل نحن مستعدون لمدير يقوده الذكاء الاصطناعي؟
