مراكش تحيي الذاكرة الغيوانية: دورة استثنائية للمهرجان الغيواني ومشاركة خالدة لمجموعة “السهام”

مراكش تحيي الذاكرة الغيوانية: دورة استثنائية للمهرجان الغيواني ومشاركة خالدة لمجموعة “السهام”
العربية.ما / محمد شيوي

مراكش تحيي الذاكرة الغيوانية

في مشهد جمع بين الحنين إلى الماضي والوفاء لجذور الهوية الثقافية المغربية، احتضنت المدينة الحمراء مراكش، في الفترة ما بين 10 و13 يوليوز الجاري، فعاليات الدورة الـ 13 للمهرجان الغيواني، الحدث الفني السنوي الذي تنظمه جمعية “مؤسسة المهرجان الغيواني” تحت رئاسة الفنان عبد الحفيظ البنوي.

مراكش، مدينة النخيل والفن والتاريخ، لبت نداء الذاكرة الغيوانية في أبهى صورها، حيث احتفت الدورة الحالية بفنانين بصما المشهد الفني الغيواني بروح من الالتزام والإبداع، ويتعلق الأمر بالفنان عبد المجيد الحراب، رئيس مجموعة “لرصاد” الفنية، والفنان حميدة الباهري، رئيس مجموعة “بنات الغيوان”، في تكريم استثنائي جمع بين التقدير والاعتراف بمسارات ملهمة.

وقد نظم المهرجان بمسرح الهواء الطلق بمنطقة المحاميد، الذي تحول خلال أيام التظاهرة إلى ملتقى فني وثقافي نابض بالحياة، استقطب جمهورا من مختلف الأعمار، ومن داخل المدينة وخارجها. جاءت هذه الدورة لتعيد إلى الأذهان أيام الفن الغيواني الذي هز وجدان المغاربة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعبر عن نبض الشارع وهموم المواطن بلغة الشعر والموسيقى.

وأكد رئيس المهرجان، الفنان عبد الحفيظ البنوي، في تصريح مؤثر، أن فكرة المهرجان، منذ انطلاقه سنة 2011، ظلت تسعى إلى “احتضان كافة الأفكار والتفرعات الكفيلة بتطوير وتجديد الفرقة، ودوام استمرارية هذا النوع الغنائي المتجذر في عمق ثقافتنا وهويتنا المغربية، وخاصة بمدينة مراكش، التي ظلت المهد والحضن الدافئ لجميع الفنون بمختلف أشكالها وأصنافها”.

ومن أقوى لحظات هذه الدورة، كانت مشاركة مجموعة “السهام” الخالدة، التي أعادت بعروضها الحماسية الروح إلى المسرح وجعلت الجمهور يعيش لحظات استثنائية مع مجموعة من أشهر أغانيها مثل:
ما يدوم حال، ديروني فالبال، الليل، أتاي بلادي، عودي، حورية، ارجع، و”اضحك ولعب”، وهي الأغاني التي استقبلها الجمهور المراكشي بترحاب كبير، مرددا كلماتها بشغف وحب، في مشهد عاطفي يؤكد على رسوخ الأغنية الغيوانية في الوجدان الجمعي المغربي.

وتعد مجموعة “السهام” من أبرز المجموعات الغيوانية التي سطعت في سماء الفن المغربي منذ سبعينيات القرن الماضي، وتمكنت، إلى جانب فرق مثل “ناس الغيوان”، “المشاهب”، “جيل جيلالة”، “تكدة”، و”مسناوة”، و”لرصاد” من تشييد مدرسة موسيقية فريدة تجمع بين الكلمة الهادفة، والإيقاع المتجذر، والالتزام الفني.

ولم يكن ظهورها عابرا؛ بل جاء في زمن حافل بالأحداث السياسية والاجتماعية، مما جعل أغانيها تحمل طابعا خاصا يتفاعل مع هموم الشعب المغربي.

وهكذا، يسدل الستار على الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الغيواني بمدينة مراكش، على وقع التصفيق الحار وقلوب تنبض بحب هذا الفن العريق. مهرجان لم يكن مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل محطة مضيئة في مسار حفظ الذاكرة الغيوانية، وترسيخ مكانتها في المشهد الثقافي المغربي.

وإذ يضرب المهرجان موعدا جديدا لعشاقه في دورته الرابعة عشرة، فإنه يعد بجمع أسماء جديدة من المجموعات التي ظلت وفية للنهج الغيواني، حاملة مشعل الإبداع، والالتزام، والأصالة.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نحيي مجموعة “السهام” الخالدة، التي أضحت شمعة تنير كل دورة من دورات المهرجان، حاملة جديدا متميزا ومستمرة في تجديد العهد مع جمهورها ومحبيها، وفية لفن جمع الناس حول قضاياهم، وأحيا فيهم روح النضال والأمل والحب.

مراكش، إذ تودع هذا العرس الفني، تستعد منذ الآن لاحتضان دورة قادمة، أكثر ألقا، وأعمق وفاء لذاكرة غنائية لا تنطفئ.

مراكش، مرة أخرى، تؤكد أنها ليست فقط مدينة للسياحة والاستجمام، بل هي حاضنة للذاكرة والإبداع، ومنصة لتكريم رموزنا الثقافية الذين أناروا الدرب للأجيال القادمة.

Exit mobile version