مركز المؤشر للدراسات يُحذر: حفلات التخرج تحيد عن رسالتها الأكاديمية وتُفرغ الجامعة من رمزيتها

24 يوليو 2025
مركز المؤشر للدراسات يُحذر: حفلات التخرج تحيد عن رسالتها الأكاديمية وتُفرغ الجامعة من رمزيتها
العربية.ما - الرباط

أصدر مركز المؤشر للدراسات والأبحاث بيانًا استنكاريا توصلت جريدة العربية.ما بنسخة منه عن قلقه الشديد من هذا المنحى الذي أصبحت تسلكه احتفالات التخرج، معتبرا أن ما يحدث ليس مجرد اجتهاد غير موفق، بل يشير إلى تحول مقلق في تمثل المجتمع لوظيفة المدرسة والجامعة.

 

وذكر المركز في بيانه “إنه لمن المؤسف، بل من المحزن حد الفجيعة الفكرية، أن تغدو لحظة التتويج الأكاديمي التي يفترض بها أن تشكل ذروة الوعي المعرفي، ولحظة نادرة تتقاطع فيها الذات الفردية مع المؤسسة، والنجاح الشخصي مع المشروع الجماعي، إلى مناسبة لانزياح رمزي خطير تفرغ فيه القيم من مضامينها، ويسطا فيه على قدسية الفضاءات التي شيدت لتكون حواضن للفكر لا منصات للتهريج.”

وأضاف البيان، منتقدًا هذه الظاهرة الآخذة في التوسع داخل عدد من المؤسسات “إن ما نتابعه من مشاهد تتكرر بشكل مقلق داخل عدد من مؤسساتنا التعليمية والجامعية، لا يعبر عن مجرد زلة عابرة أو اجتهاد غير موفق، بل يشي بتحول عميق في تمثل المجتمع لوظيفة المدرسة والجامعة، إذ تحول فضاء المعرفة إلى ما يشبه منصة استهلاكية عابرة، ينحل فيها معنى التخرج من معناه ويتوارى خلف ضجيج الراقصات، ومظاهر لا تستحي من اختراق حرمة العلم وهيبته.”

 

وأكد مركز المؤشر أنه لا يقف ضد الفرح أو الاحتفاء بالتميز، لكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب رمزية المؤسسة التعليمية “لسنا ضد الفرح، بل إننا من دعاة الاحتفاء بالتميز، لكن أي تميز يحتفى به إن كان يقف على أنقاض المرجعية الأكاديمية ويجعل من متعلمي المؤسسات التعليمية وخريج الجامعة شريكا في مشهد تفكك الرمزية؟ فالمؤسسة والجامعة ليست خشبة للعرض، ولا يجب أن تنحدر إلى مستوى القبول بكل أشكال التعبير، لا لأننا نرفض الاختلاف، ولكن لأننا نؤمن بأن حرية التعبير ليست مرادفا لعبث شكلي يجهز على العمق الرمزي للمؤسسة.”

 

ويحذر البيان من خطورة هذا التوجه على وظيفة التكوين والهوية الرمزية للمؤسسات التعليمية “إننا في مركز المؤشر للدراسات والأبحاث، نعبر عن قلقنا العميق إزاء هذا الانفلات الرمزي الذي يشهده الفضاء التربوي والعلمي، ونرى فيه صورة مشوهة لمفهوم الاحتفال، إذ لا يليق بالمؤسسات المنتجة للمعرفة أن تتحول إلى نسخ كاريكاتورية من فضاءات اللهو والسهر، تحت مسوغات ‘التراث’ و’الهوية’ و’الفرح’، فليس كل تراث يصح استحضاره، ولا كل فرح يليق بكل مقام.”

 

ويخلص البيان إلى ضرورة إعادة النظر في طبيعة ما يُقبل وما يُرفض داخل المؤسسات التربوية “ما يجري ليس مسألة ذوق أو أذواق، بل هو ارتجاج في المنظور العام لوظيفة التكوين، ومؤشر مقلق على حجم التساهل في حفظ الهيبة الرمزية للفضاء التربوي، وهو ما يستوجب استنهاض الإرادة المؤسساتية والتربوية لإعادة تعريف حدود المباح والممنوع اللائق وغير اللائق، داخل فضاءات لا ينبغي أن تغادر أبدا ضوء العلم الصرف إلى دكنة الترفيه المنفلت من كل ضابط.”

 

وختم مركز المؤشر بيانه برسالة قوية تحمل دعوة لإعادة الاعتبار للجامعة كمكان للجد والمعرفة “إننا إذ نطلق هذا البيان، لا نقف موقف الواعظ ولا الحاكم، بل نستنهض ضمائر من يعنيهم الأمر لنعيد التذكير بأن الجامعة ليست محلا للفرجة، بل هي آخر قلاع الجد، وأن خيانة الفضاءات هي خيانة للمعنى، والمعنى إن ضاع، ضاعت معه الأمم.”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.