العربية.ما alaarabiya.ma

منصة شباب طاطا بين وعود التمكين وشبهات الاستغلال

منصة شباب طاطا بين وعود التمكين وشبهات الاستغلال
العربية.ما - الرباط

تعتبر منصات الشباب، التي تم إنشاؤها في إطار البرنامج الوطني المندمج لدعم وتمويل المقاولات “انطلاقة”، ضمن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH 2019-2023)، خطوة مهمة نحو دعم وتمكين الشباب المغربي، خاصة في المناطق النائية مثل إقليم طاطا. ومع ذلك، يبقى النقاش حول فعالية هذه المنصة ومدى تحقيقها للأهداف المسطرة مفتوحاً، خاصة عندما تظهر مؤشرات تشير إلى استغلالها لأغراض سياسية ونقابية ضيقة.

في أعقاب سلسلة من الانتقادات الموجهة إلى منصة الشباب بطاطا، أصدر مركز باني للدراسات والأبحاث الاستراتيجية والتنمية المجالية بياناً يرد فيه على المقال المنشور حول خروقات تدبير المنصة. وقد ركّز البيان على الدفاع عن سمعة المركز وتقديم توضيحات عامة دون تقديم بيانات دقيقة حول أثر المنصة على الفئة المستهدفة. ادعى المركز أن المنصة متاحة للجميع ولم تسجل أي شكاوى تتعلق بالإقصاء، لكن هذا يتناقض مع شهادات شباب محليين وبعض المقالات الصحفية التي أكدت وجود تمييز في الاستفادة. وللأسف، بدا البيان وكأنه رد فعل عاطفي أكثر منه تفصيلياً وشفافاً، إذ اكتفى بالإشارة إلى “النجاح الكبير” للأنشطة دون تقديم أدلة ملموسة، كما لم يتطرق إلى آليات اختيار المستفيدين لضمان الشفافية والعدالة.

من المثير للانتباه أن بيان مركز باني لم يتضمن أي إحصائيات دقيقة حول عدد المستفيدين الفعليين من المنصة، وعدد المقاولات التي تم إنشاؤها بفضل دعمها، أو نسب التشغيل التي تحققت عبر مساعدتها. كان من المتوقع أن يقدم المركز تقارير واضحة تشمل قائمة المشاريع التي تم إنشاؤها بفضل دعم المنصة، وعدد الشباب الذين تم إدماجهم في سوق الشغل، وتفاصيل التعاونيات أو المقاولات التي تم تأسيسها، وتقييم تأثير المنصة على تحسين دخل الشباب المستهدف. لكن الواقع يُظهر أن التركيز ينصب على تنظيم تكوينات قد تكون أكثر فائدة للمكونين منها للمستفيدين، حيث يقتصر الأثر الفعلي على تعويضات التكوين التي تحسن الدخل بشكل مؤقت، بينما يبقى الهدف الأساسي للمنصة، وهو تمكين الشباب وإدماجهم اقتصادياً، بعيداً عن التنفيذ الفعلي.

إحدى القضايا التي أثيرت حول المنصة هي احتمال استغلالها لأغراض سياسية ونقابية. فقد ذكرت تقارير محلية أن بعض الأنشطة كانت تُستخدم كوسيلة للاستقطاب الحزبي، مما يتعارض مع أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. يشكل هذا الاستغلال خطراً حقيقياً على استقلالية المنصة، ويجعلها أداة في يد أطراف معينة بدلاً من كونها فضاءً مفتوحاً لكافة شباب الإقليم. لذا، يجب على الجهات المسؤولة التدخل لضمان نزاهة المنصة ومنع استغلالها كغطاء لنشاطات سياسية أو نقابية.

تم إنشاء منصة الشباب بطاطا لتحقيق أهداف واضحة، من بينها دعم وتأطير حاملي أفكار المشاريع، وإدماج الشباب في سوق الشغل، وتسهيل خلق التعاونيات والمقاولات، وتحقيق الإدماج الاقتصادي وتحسين الدخل، والاستماع والتوجيه. لكن حتى الآن، لا توجد إجابة شافية حول مدى تحقيق هذه الأهداف، إذ أن بيان مركز باني يفتقد إلى النتائج الملموسة التي يمكن قياسها، ويبدو كمحاولة لإخفاء المشاكل بدلاً من حلها.

كان من المطلوب أن يقدم المركز تقريراً شفافاً حول نتائج تسييره للمنصة، مدعوماً بالأرقام والمعطيات الحقيقية، بدلاً من الاكتفاء ببيان إنشائي فضفاض. لذلك، يجب على الجهات المسؤولة التدخل لضمان استقلالية المنصة ومنع أي استغلال سياسي أو نقابي لها، حتى تحقق الغاية الأساسية التي أُسست من أجلها، وهي النهوض بأوضاع شباب الإقليم، وليس خدمة أجندات ضيقة. إن المال العام المخصص لهذه المنصة يجب أن يكون في خدمة شباب طاطا قاطبة، وليس في خدمة المكونين أو الجهات الحزبية، وهذا يتطلب تدقيقاً حقيقياً في نتائجها وآليات اشتغالها لضمان تحقيق الأهداف المسطرة.

Exit mobile version