تزَيَّنت فضاءات دار الشباب 20 غشت بمدينة الخميسات بالحلل والأنشطة الموازية الوطنية التي قدمها شباب جمعويون (جمعية الأمل) لاستقبال المشاركين والمشاركات في الندوة التي نظمتها منظمة “جيل تمغربيت“، والتي تمحورت حول “المغرب.. استثباب الأمن والإستقرار بإفريقيا.. أدوار ريادية ورهانات استراتيجية“، حيث شارك في تأطيرها دكاترة متخصصين في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وذلك مساء يوم السبت 25 ماي 2024.
وقد شارك، في تأطير هذه الندوة الوطنية كل من الدكتور عبد الرحيم منار السليمي؛ رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، والدكتور عبد الفتاح نعوم أستاذ؛ جامعي متخصص في العلاقات الدولية، والدكتور عبد الفتاح البلعمشي رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، والدكتور محسن الجعفري؛ باحث في الإقتصاد السياسي بجامعة محمد الخامس بالرباط.
وأشاد المتدخلون بالأدوار الطلائعية التي يقوم بها المغرب من أجل إحلال السلم والأمن في إفريقيا، وذلك تجسيداً للتوجيهات الملكية السامية التي تؤطر هذا العمل الجبار. كما تم التنويه بالجهود الدؤوبة للمغرب لتحقيق هذا الهدف النبيل وفق رؤية متعددة الأبعاد تمزج بين المساهمة الفعلية في تدخلات الأمم المتحدة ومواكبة المسار التنموي لدول القارة عبر مشاريع ميدانية، وهو ما يعزز موقع المغرب كفاعل نشيط ونموذج يحتذى في مجال إرساء الأمن والسلم على مستوى القارة السمراء.
هذا وأجمع المتدخلون، في عروضهم المقدمة، على أن المغرب ينطلق في انخراطه في مختلف المبادرات والجهود التي يبذلها المنتظم الدولي لإرساء السلام والأمن بإفريقيا من التزام راسخ للمملكة بالحل السلمي للنزاعات طبقا للشرعية الدولية، عن طريق نهج الوساطة وتفضيل الحوار، والمساهمة في عمليات حفظ السلام، وكذا دعم الحوار السياسي وتعزيز التعاون المشترك في مجال التنمية، وهو الالتزام الذي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يعبر عنه ويسهر على تفعيله من دون كلل، ويحظى بإشادة قوية إن على المستوى الإقليمي والدولي.. وذكّر المتدخلون بارتباط المغرب الدائم بعمقه الإفريقي وانفتاحه في علاقاته الثنائية والمتعددة الأطراف مع الدول الإفريقية على قاعدة رابح-رابح.
وقال الأستاذ عبد الفتاح البلعمشي، في مداخلته إن “المغرب طالما سعى ولا يزال إلى الانفتاح أكثر فأكثر على إفريقيا، واضعا تنمية دول القارة وتحقيق شراكات استراتيجية معها في صلب اهتمامات سياساته الخارجية. وهو ما برز بشكل واضح، بعد عودة المغرب إلى بيته الإفريقي سنة 2017، ما أسهم في تسريع عملية قطع الطريق على مسلسل طويل من “كولسة” بعد الدول الإفريقية ضد الوحدة الترابية للمملكة. وأنه منذ مطلع القرن 20 سعى المغرب إلى تكوين وتنويع تحالفاته وشراكاته، والتي ساعدت في دعم الوحدة الترابية للمملكة، خاصة وأنه يحظى لدى مختلف الدول والقوى والتكتلات الإقليمية والدولية، بوضع الشريك المتقدم الذي يحظى بالثقة والمصادقية. كما أن حالة الاستقرار الأمني والتنموي التي يجسدها المغرب على أرض الواقع في المنطقة، جعلت منه منارة إفريقية تحظى بإشعاع إقليمي وقاري وعالمي”.
ومن جهته أتى الأستاذ محسن الجعفري بتفاصيل للسياقات الأمنية والتنموية التي تعكسها المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة دول الساحل التي لا تتوفر على منفذ بحري. موضحا الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للموانئ الأطلسية وأهميتها في تحقيق تنمية الدول، نظرا لموقعها الاستراتيجي كونها الرابط الأكثر أمانا بين قارات أمريكا وأوروبا وجنوب آسيا. وتبقى هذه المبادرة الملكية فعالة في إحداث تغيير بنيوي وهيكلي في اقتصادات هذه الدول والدول المحيطة بها أيضا، كما ستحقق مقاربة مندمجة من خلالها ستتحصل القارة على وسائل النمو والتنمية، والقدرة أكثر على محاربة التطرف والإرهاب الذي يهدد دول المنطقة.
ومن جانبه أوضح الدكتور عبد الفتاح نعوم السياقات التي ينطلق منها المغرب في تشخيص الوضع بإفريقيا والعوامل التي جعلته يكون القناعة المعبر عنها في مختلف المبادرات والخطب والرسائل الملكية، والتي تشكل ثنائية “الأمن والتنمية” قطب رحاها. حيث ربط ما تحققه المبادرات التي يقدم عليها المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالامتداد القوي والمتين والمتجذر في التاريخ، لعلاقات المغرب ببعده الإفريقي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية والروحية أيضا، والتي قوامها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شرؤونها أواستغلال خيراتها، وإنما تقوية وتشبيك هذه العلاقات وتوحيد الموقف الإفريقي خدمة للقضايا التنموية المفضية إلى نهضة إفريقيا.
كما توقف الدكتور عبد الرحيم منار السليمي، عند المبادرة الأطلسية التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، أهميتها الاقتصادية والتنموية وأيضا الأمنية، كون العلاقات الدولية، تؤكد أن المناطق التي تشهد نهضة اقتصادية وتنموية تكون أقل عرضة للمنزلقات الأمنية. موضحا أن المغرب أضحى بحكم علاقاته التاريخية مع الدول الافريقية، شريكا أساسيا في التنمية وإرساء الأمن والسلم. مبرزا في ذات السياق أن المغرب ومن خلال مختلف المبادرات التي يقدمها للأشقاء والشركاء الأفارقة هاجسه الأول هو تحقيق التنمية الشاكلة بما يوفر العيش الكريم للمواطن الافريقي، وتحويل القارة السمراء، بما تتوفر عليه من إمكانيات وثروات بشرية وطبيعية، إلى مركز العالم وقاطرته التي تؤمن غذائه وصناعته ورفاهيته..
واختتمت هذه الندوة بتكريم الأساتذة المشاركين وتسليمهم شواهد وهدايا رمزية، وأخذ صور توثيقية جماعية.